104

الخراج

الخراج

پژوهشگر

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

ناشر

المكتبة الأزهرية للتراث

شماره نسخه

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

سال انتشار

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

مَعَك فِي هَذِه الأَرْض وأشركت فِيهَا؛ فَإِنْ كَانَ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا حِينَ دَخَلَ مَعَهُ فَالشَّرِكَةُ بَاطِلَة، إِن كَانَ لَمْ يَنْضَبْ عَنْهَا فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ.
وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي بَريَّة فَأَتَاهُ رجل فَقَامَ: أَنَا أَدْخُلُ مَعَكَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ حَفَرَ فِيهَا بِرْكَةً أَوْ بِئْرا أَو نَهرا وسَاق إِلَيْهَا الْمَاءَ فَالشَّرِكَةُ فِي هَذَا فَاسِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْفُرْ وَلَمْ يَكْرِ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ مِثْلُ الأَوَّلِ.
قَالَ: وَإِذَا نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ جَزِيرَة فِي دجلة أَو الْفُرَات، وَكَانَتْ بِحِذَاءِ مَنْزِلِ رَجُلٍ وَفِنَائِهِ؛ فَأَرَادَ أَنْ يُصَيِّرَهَا فِي فِنَائِهِ وَيَزِيدَهَا فِيهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يتْرك وَذَلِكَ.
فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ فَحَصَّنَهَا مِنَ الْمَاءِ وَزَرَعَ فِيهَا وَأَدَّى عَنْهَا حَقَّ السُّلْطَانِ؛ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ أَرْضِ الْمَوَاتِ يُحْيِيهَا الرَّجُلُ. فَإِنْ أَرَادَ هَذَا الَّذِي هِيَ بِحِذَاءِ فِنَائِهِ أَن يتعملها وَيُؤَدِّيَ عَنْهَا حَقَّ السُّلْطَانِ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ لَهُ.
وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجَزِيرَةُ الَّتِي نَضَبَ عَنْهَا الْمَاءُ إِذَا حُصِّنَتْ وَضُرِبَ عَلَيْهَا الْمِسْنَاةَ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالسُّفُنِ الَّتِي تَمُرُّ بِدِجْلَةَ وَالْفُرَاتَ وَخَافَ الْمَارَّةَ فِي السُّفُنِ الْغَرَقَ مِنْ ذَلِكَ أُخْرِجَتْ مِنْ يَدِ هَذَا وَرُدَّتْ إِلَى حَالِهَا الأُولَى؛ لأَنَّ هَذِهِ الْجَزِيرَةَ بِمَنْزِلَةِ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يَضُرُّهُمْ، وَلا يَجُوزُ لِلإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ شَيْئًا مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا فِيهِ الضَّرَرُ عَلَيْهِمْ، وَلا يَسَعُهُ ذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادَ الإِمَامُ أَنْ يَقْطَعَ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ الْجَادَةِ رَجُلا يَبْنِي عَلَيْهِ وَلِلْعَامَّةِ طَرِيقٌ غَيْرُ ذَلِكَ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ مِنْهُ لَمْ يَسَعْهُ إقْطَاعُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ آثِمٌ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْجَزَائِرُ الَّتِي يَنْضَبُ عَنْهَا الْمَاءُ فِي مِثْلِ الْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ؛ فاللإمام أَنْ يُقْطِعَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لم يقطعهَا، وَمن أحدث يها حَدَثًا وَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ رُدَّتْ إِلَى حَالِهَا الأُولَى.
وَسَأَلْتَ عَنِ الْغَرُوبِ الَّتِي تُتَّخَذُ فِي دِجْلَةَ وَفِي مَمَرِّ السُّفُنِ الَّتِي تَمُرُّ إِلَى دِجْلَةَ، وَفِيهَا نَفْعٌ وَضَرَرٌ، فَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ بِالسُّفُنِ الَّتِي تَمُرُّ فِي دِجْلَةَ نُحِّيَتْ وَلَمْ يتْرك أَصْحَابهَا وغعادتها إِلَى ذَلِك الْموضع، وَإنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ضَرَرٌ تُرِكَتْ عَلَى حَالِهَا.
فَقِيلَ لأَبِي يُوسُفَ فِيهَا مِنَ الضَّرَرِ أَنَّ السَّفِينَةَ رُبَّمَا حَمَلَهَا الْمَاءُ عَلَيْهَا فَانْكَسَرَتْ؟
قَالَ أَبُو يُوسُف: مَا تَكَسَّرَ عَلَيْهَا مِنَ السُّفُنِ فَصَاحب الغرية ضَامِنٌ لِذَلِكَ، وَلا يَتْرُكُ الإِمَامُ شَيْئا من ذَلِك إِلَّا أَمَرَ بِهِ فَهُدِمَ وَنُحِّيَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَظِيمًا فَالْفُرَاتُ ودلجة إِنَّمَا هُمَا بِمَنْزِلَةِ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا؛ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهِ شَيْئًا فَعَطَبَ بِذَلِكَ عَاطِبٌ ضَمِنَ، وَقَدْ أَرَى أَنْ يُوَكَّلَ بِذَلِكَ رَجُلا ثِقَةً أَمِينًا حَتَّى يَتَتَبَّعَ ذَلِكَ وَلا يَدَعَ مِنْ هَذِهِ الْغَرُوبِ شَيْئًا فِي دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ فِي مَوْضِعٍ يَضُرُّ بِالسُّفُنِ، وَيَتَخَوَّفُ عَلَيْهَا مِنْهُ إِلا نَحَّاهُ وَتَوَعَّدَ أَهْلَهُ عَلَى إِعَادَةِ شَيْءٍ مِنْهُ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِك أجرا عَظِيما.

1 / 106