الاعتبار وأعقاب السرور والاحزان
الاعتبار وأعقاب السرور والاحزان
پژوهشگر
نجم عبد الرحمن خلف
ناشر
دار البشير
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۳ ه.ق
محل انتشار
عمان
ژانرها
عرفان
١٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ أَيُّوبُ وَلِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِهِ، قَدْ رَشَّحَهُ لِلْخِلَافَةِ، فَأَصَابَهُ الطَّاعُونُ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ دَخَلَ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ، فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَازِنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ أَبُو عُثْمَانَ، ثِقَةٌ مِنْ ⦗٤١⦘ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُوهُ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعْدُ بْنُ عُقْبَةَ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، فَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ، وَقَالَ: مَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ أَنْ يَسْبِقَ إِلَى قَلْبِهِ الْوَجْدُ، وَلَيْسَتْ مِنْكُمْ وَحْشَةٌ، وَإِنِّي أَجِدُ فِي قَلْبِي لَوْعَةً إِنْ لَمْ أُسَكِّنْهُ بَعَبْرَةٍ انْصَدَعَتْ كَبِدِي كَمَدًا وَأَسَفًا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الصَّبْرُ أَوْلَى بِكَ، فَنَظَرَ إِلَى سَعْدٍ وَرَجَاءٍ نَظْرَةَ مُسْتَغِيثٍ، فَقَالَ لَهُ رَجَاءٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، افْعَلْ مَا لَمْ تَأْتِ الْأَمْرَ الْمُفْرِطَ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَجَدَ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ «تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ» فَبَكَى سُلَيْمَانُ بُكَاءً شَدِيدًا، ثُمَّ رَقَأَتْ عَبْرَتُهُ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ مَاتَ أَيُّوبُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
[البحر الطويل]
وُقُوفٌ عَلَى قَبْرٍ مُقِيمٍ بِقَفْرَةٍ ... مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مَفَارِقِ
ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَيُّوبُ، ثُمَّ قَالَ:
[البحر السريع]
كُنْتَ لَنَا أُنْسًا فَفَارَقْتَنَا ... فَالْعَيْشُ مِنْ بَعْدِكَ مُرُّ الْمَذَاقِ
وَقُرِّبَتْ إِلَيْهِ دَابَّتُهُ فَرَكِبَ، ثُمَّ عَطَفَ إِلَى الْقَبْرِ، فَقَالَ:
[البحر البسيط]
فَإِنْ صَبَرْتُ فَلَمْ أَلْفِظْكَ مِنْ شِبَعٍ ... وَإِنْ جَزِعْتُ فَعِلْقٌ مُنْفِسٌ ذَهَبَا
⦗٤٢⦘
١٨ - حَدَّثَنِي غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ لَهُ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بَلِ الصَّبْرُ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ وَسِيلَةً، وَلَيْسَ الْجَزَعُ بِمُحْيٍ مَنْ مَاتَ، وَلَا بَرَادٍّ مَا فَاتَ»، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: صَدَقْتَ، وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ "
1 / 40