الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور

Ibn al-Mubarrad d. 909 AH
3

الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور

الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور

پژوهشگر

محمد زياد عمر تكلة

ناشر

مكتبة العبيكان

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۲۱ ه.ق

محل انتشار

الرياض

ژانرها

علوم قرآن
قَالَ: وَمَنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ، وَأُعِينَ بِنُورِ الْبَصِيرَةِ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَسْرَارِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَمَعْرِفَةِ الذَّاتِ، وَالْأَسْمَاءِ، وَالصِّفَاتِ، وَالْأَفْعَالِ، وَإِثْبَاتِ الشَّرْعِ، وَالْقُدْرَةِ، وَالْمَعَادِ، وَتَجْرِيدِ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالْإِلَهِيَّةِ، وَكَمَالِ التَّوَكُّلِ، وَالتَّفْوِيضِ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَالِافْتِقَارُ إِلَيْهِ فِي طَلَبِ الْهِدَايَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، وَعَلِمَ ارْتِبَاطَ مَعَانِيهَا بِجَلْبِ مَصَالِحِهِمَا، وَدَفْعِ مَفَاسِدِهِمَا، فَإِنَّ الْعَافِيَةَ الْمُطْلَقَةَ التَّامَّةَ، وَالنِّعْمَةَ الْكَامِلَةَ مَنُوطَةٌ بِهَا، مَوْقُوفَةٌ عَلَى التَّحْقِيقِ بِهَا، أَغْنَتْهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالرُّقَى، وَاسْتَفْتَحَ بِهَا مِنَ الْخَيْرِ أَبْوَابَهُ، وَدَفَعَ بِهَا مِنَ الشَّرِّ أَسْبَابَهُ. قَالَ: وَهَذَا أَمْرٌ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِحْدَاثِ فِطْرَةٍ أُخْرَى، وَعَقْلٍ آخَرَ، وَإِيمَانٍ آخَرَ. قَالَ: وَتَاللَّهِ لَا تَجِدُ مَقَالَةً فَاسِدَةً، وَلَا بِدْعَةً بَاطِلَةً، إِلَّا وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ مُتَضَمِّنَةٌ لِرَدِّهَا، وَإِبْطَالِهَا بِأَقْرَبِ طَرِيقٍ وَأَصَحِّهَا، وَأَوْضَحِهَا، وَلَا تَجِدُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ، وَأَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَأَدْوِيَتِهَا مِنْ عِلَلِهَا، وَأَسْقَامِهَا، إِلَّا وَفِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِفْتَاحُهُ، وَمَوْضِعُ الدِّلَالَةِ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْزِلًا مِنْ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِلَّا وَبِدَايَتُهُ وَنِهَايَتُهُ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ: وَلَعَمْرُ اللَّهِ، إِنَّ شَأْنَهَا لَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ فَوْقَ ذَلِكَ، وَمَا تَحَصَّنَ عَبْدٌ وَاعْتَصَمَ بِهَا، وَعَقَلَ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِهَا، وَأَنْزَلَهَا شِفَاءً تَامًّا، وَعِصْمَةً بَالِغَةً، وَنُورًا مُبِينًا، وَفْهِمَهَا وَفَهِمَ لَوَازِمَهَا كَمَا يَنْبَغِي، وَوَقَعَ فِي بِدْعَةٍ وَلَا شِرْكٍ، وَلَا أَصَابَهُ مَرَضٌ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ، إِلَّا إِلْمَامًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ.

1 / 373