111

الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن

الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن

ژانرها

ويمكن أن تكون صيغة " افعل " مقيدة بالنسبة إلى شيء أراده الله ﷾ بحيث أن نتفطن له نحنُ، لأنَّ من المجمع عليه عند أهل السنة وصرح به " الأشعري " وغيره في غير موضع من كتبهم أنَّ الله ﷾ لا تناهى مقدوراته.
وممَّن صرَّح بما صرَّح به "الأشعريّ " وأكثر فيه الإمام حجة الإسلام "الغزاليّ" في كتبه" الإحياء" وغيره، ولاسيما: " تهافت الفلاسفة" وبيّن أنَّ هذا [أي ليس في الإمكان أبدع مما كان] من قواعدهم لنفيهم صفة الإرادة، وقولهم بأنّ فعله بالذات، وبيّنَ فسادَ ذلك" (١)
هذه القضية متعلقة بأصول العقيدة التي ينبغي أن نسعى جاهدين إلى أن تبقى صافية مطهرة من كلّ شائبة.
إنّي أذهب إلى أنَّ الرسالة العظمى والأَوْلى بالعناية والرعاية والمجاهدة للعلماء هي حماية عقيدة التوحيد – أولًا - من أن تطوف حول حماها أضاليل أهل الفسق الفكري والضلال العقدي والإفساد في قلوب العباد وأنَّ على وليّ الأمر – إن كان يريد الخير لأمته - أن يُعين العلماء على ذلك ويمكِّن لهم في الأرض وأن يترصِّد لمن يتسلَّل إلى قلوب العباد بأضاليله العقدية من الفلاسفة الملحدين المحرفين القول عن مواضعه، فهذا هو الأهم والمقدَّم على غيره وإن كان غيره مهمًّا جدًا، فليس الوقوع في شرب كأس خمر كمثل الوقوع في شائكة شرك وقد قضى الله ﷾ قائلا مؤكدًا في سورة تأسيس الأسرة المسلمة على هديه عز وعلا سورة "النساء":
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ (النساء:٤٨)
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا﴾ (النساء:١١٦)

(١) – نظم الدرر:٢٢/١٤٠

1 / 111