Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
43

Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٣هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

- في أغلب هذه الآيات - بصفة المغفرة أو العفو، ويأتي هذا الاقتران في الغالب بعد إشارة سابقة إلى خطأ واقع، أو تفريط في أمر محمود، وهذا أمر يتفق مع الحلم؛ لأنه تأخير عقوبة، قال سبحانه: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطر: ٤٥] (١). ونجد أيضًا أن عددًا من الآيات التي وصفت الله بالحلم قد قرن فيها ذكر الحلم بالعلم، كقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ [الحج: ٥٩] (٢) وهذا يفيد - والله أعلم بمراده - أن كمال الحلم يكون مع كمال العلم، وهذا من أعظم أركان الحكمة (٣). [الحلم من أعظم أركان الحكمة] ومما يؤكد أن الحلم من أعظم أركان الحكمة - التي ينبغي للداعية أن يدعو بها إلى الله - تعالى - مدح النبي ﷺ للحلم، وتعظيمه لأمره، وأنه من الخصال التي يحبها الله ﷿، قال ﷺ للأشج: (٤) «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة» (٥). وفي رواية «قال الأشج: يا رسول الله، أنا تخلقت بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: " بل الله جبلك عليهما "، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله» (٦). وسبب قول النبي ﷺ ذلك للأشج ما جاء في حديث الوفد أنهم لما

(١) سورة فاطر، الآية ٤٥. (٢) سورة الحج، الآية ٥٩. (٣) انظر: أخلاق القرآن للشرباصي ١/ ١٨٥. (٤) المنذر بن عائذ بن المنذر العصري، أشج عبد القيس، كان سيد قومه، رجع بعد إسلامه إلى البحرين مع قومه، ثم نزل البصرة بعد ذلك ومات بها ﵁. انظر: تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٦٧. (٥) مسلم، في كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله - تعالى - ورسوله ١/ ٤٨. (٦) أبو داود، في الأدب، باب في قبلة الجسد ٤/ ٣٥٧، وأحمد ٤، ٣.

1 / 55