Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala
الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٣هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
وقال ﷺ لأبي موسى الأشعري ومعاذ ﵄ حينما بعثهما في اليمن: «يسِّرا ولا تُعسِّرا، وبشِّرَا ولا تُنفرَا، وتطاوَعَا ولا تختلفَا» (١).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تُنفِّروا» (٢).
في هذه الأحاديث الأمر بالتيسير والنهي عن التنفير، وقد جمع النبي ﷺ في هذه الألفاظ بين الشيء وضده، لأن الإنسان قد يفعل التيسير في وقت والتعسير في وقت، ويبشر في وقت وينفر في وقت آخر فلو اقتصر على يسروا لصدق ذلك على من يصر مرة أو مرات، وعسر في معظم الحالات؛ فإذا قال ولا تعسِّروا انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع وجوهه وهذا هو المطلوب. وكذا يقال في يسّرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا؛ لأنهما قد يتطاوعان في وقت ويختلفان في وقت وقد يتطاوعان في شيء ويختلفان في شيء، والنبي ﷺ قد حث في هذه الأحاديث وفي غيرها على التبشير بفضل الله وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته، ونهى عن التنفير بذكر التخويف وأنواع الوعيد محضة من غير ضمها إلى التبشير، وهذا فيه تأليف لمن قرب إسلامه وترك التشديد عليه، وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي كلهم ينبغي أن يتدرج معهم ويُتلطّف بهم في أنواع الطاعات قليلًا قليلًا، وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج فمتى يُسِّرَ على الداخل في الطاعة، أو المريد للدخول فيها سهلت عليه وكانت عاقبته غالبًا الازدياد منها، ومتى عُسِّرت عليه أوشك أن لا يدخل فيها، وإن دخل أوشك أن لا يدوم ولا
(١) البخاري مع الفتح في كتاب المغازي باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع ٨/ ٦٢، ومسلم في كتاب الجهاد والسير باب الأمر بالتيسير وترك التنفير ٣/ ١٣٥٩، واللفظ له.
(٢) البخاري مع الفتح في كتاب العلم باب ما كان ﷺ يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا ١/ ١٦٣، ومسلم في كتاب الجهاد والسير باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير ٣/ ١٣٥٩.
1 / 196