Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
131

Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٣هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

قال: "قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك» (١) وفي رواية أخرى «أن عتبة استمع حتى جاء الرسول ﷺ إلى قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ [فصلت: ١٣] فقام مذعَورًا، فوضع يده على فم رسول الله ﷺ يقول: أنشدك الله والرحم، وطلب منه أن يكف عنه، فرجع إلى قومه مسرعًا كأن الصواعق ستلاحقه، واقترح على قريش أدى تترك محمدًا وشأنه، وأخذ يرغبهم في ذلك» (٢). لقد تخير رسول الله ﷺ بفضل الله- تعالى-، ثم بحكمته العظيمة هذه الآيات من الوحي، ليعرف عتبة حقيقة الرسالة والرسول، وأن محمدًا ﷺ يحمل كتابًا من الخالق إلى خلقه، يهديهم من الضلال، وينقذهم من الخبال، ومحمد ﷺ قبل غيره مكلف بتصديقه والعمل به، والوقوف عند أحكامه، فإذا كان الله- ﷿ يأمر الناس بالاستقامة على أمره، فمحمد ﷺ أولى الناس بذلك، وهو لا يطلب ملكًا ولا مالًا ولا جاهًا، لقد مكنه الله من هذا كله، فعف عنه وترفع أن يمد يديه إلى هذا الحطام الفاني؛ لأنه صادق في دعوته، مخلص لربه، ﷺ (٣). وهذا موقف من أعظم مواقف الحكمة التي أوتيها النبي ﷺ، فهو قد ثبت وصدق في دعوته، ولم يرد مالًا، ولا جاهًا، ولا ملكًا، ولا نكاحًا، من أجل أن يتخلى عن دعوته، وقد اختار الكلام المناسب في الموضع المناسب، وهذا هو عين الحكمة.

(١) أخرج هذه القصة ابن إسحاق والمغازي ١/ ٣١٣ من سيرة ابن هشام، قال الألباني: وإسناده حسن إن شاء الله. انظر فقه السيرة للغزالي ص١١٣، وتفسير ابن كثير ٤/ ٦١، والبداية والنهاية ٣/ ٦٢، والرحيق المختوم ص١٠٣. (٢) انظر: البداية والنهاية ٣/ ٦٢، وتفسير ابن كثير ٤/ ٦٢، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم السيرة ص ١٥٨، وفقه السيرة لمحمد الغزالي ص١١٤، وهذا الحبيب يا محب ص١٠٢. (٣) انظر: فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص١١٣.

1 / 147