احکام فی اصول احکام
الإحكام في أصول الأحكام
ناشر
المكتب الإسلامي
ویراست
الثانية
سال انتشار
۱۴۰۲ ه.ق
محل انتشار
(دمشق - بيروت)
ژانرها
اصول فقه
وَمَا ذَكَرُوهُ عَلَى الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ، فَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْجِيحَ بِحَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى اخْتِلَافِ اللُّغَاتِ دُونَ حَمْلِهِ عَلَى الْإِقْدَارِ عَلَى اللُّغَاتِ أَقَلُّ فِي الْإِضْمَارِ ; إِذْ هُوَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِضْمَارِ اللُّغَاتِ لَا غَيْرُ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَفْتَقِرُ إِلَى إِضْمَارِ الْقُدْرَةِ عَلَى اللُّغَاتِ فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُمْ فِي الْمَعْنَى أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى التَّسَلْسُلِ، لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَارَاتِ، وَيَخْلُقَ لِمَنْ يَسْمَعُهَا الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّ وَاضِعًا وَضَعَهَا لِتِلْكَ الْمَعَانِي كَمَا سَبَقَ.
ثُمَّ مَا ذَكَرُوهُ لَازِمٌ عَلَيْهِمْ فِي الْقَوْلِ بِالِاصْطِلَاحِ فَإِنَّ مَا يُدْعَى بِهِ إِلَى الْوَضْعِ وَالِاصْطِلَاحِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِالِاصْطِلَاحِ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ التَّوْقِيفِ.
وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمُعَارَضَةِ بِالْآيَةِ الْأَخِيرَةِ، فَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ طَرِيقُ التَّوْقِيفِ مُنْحَصِرًا فِي الرِّسَالَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ التَّوْقِيفِ مَعْلُومًا إِمَّا بِالْوَحْيِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَإِمَّا بِخَلْقِ اللُّغَاتِ وَخَلْقِ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ لِلسَّامِعِينَ بِأَنَّ وَاضِعًا وَضَعَهَا لِتِلْكَ الْمَعَانِي عَلَى مَا سَبَقَ.
وَأَمَّا طُرُقُ مَعْرِفَتِهَا لَنَا، فَاعْلَمْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مَعْلُومًا بِحَيْثُ لَا يُتَشَكَّكُ فِيهِ مَعَ التَّشْكِيكِ كَعِلْمِنَا بِتَسْمِيَةِ الْجَوْهَرِ جَوْهَرًا وَالْعَرَضِ عَرَضًا وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَسَامِي، فَنَعْلَمُ أَنَّ مَدْرَكَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ التَّوَاتُرُ الْقَاطِعُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَنَا وَلَا تَوَاتُرَ فِيهِ، فَطَرِيقُ تَحْصِيلِ الظَّنِّ بِهِ إِنَّمَا هُوَ أَخْبَارُ الْآحَادِ، وَلَعَلَّ الْأَكْثَرَ إِنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ.
1 / 78