احکام فی اصول احکام

Saif al-Din al-Amidi d. 631 AH
49

احکام فی اصول احکام

الإحكام في أصول الأحكام

ناشر

المكتب الإسلامي

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٤٠٢ هـ

محل انتشار

(دمشق - بيروت)

ژانرها

اصول فقه
قَالُوا: وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ﵇ مَبْعُوثٌ إِلَى أَهْلِ كُلِّ لِسَانٍ كَافَّةً عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾، وَقَالَ ﵇: («بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ») . فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ كِتَابُهُ جَامِعًا لِلُغَةِ الْكُلِّ ; لِيَتَحَقَّقَ خِطَابُهُ لِلْكُلِّ إِعْجَازًا وَبَيَانًا. وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﵇ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ كَلَامُهُ بَلْ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى رَبِّ الْعَالَمِينَ الْمُحِيطِ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ، فَلَا يَكُونُ تَكَلُّمُهُ بِاللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ مُنْكَرًا، غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَفْهُومًا لِلْعَرَبِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِدْعًا بِدَلِيلِ تَضَمُّنِهِ لِلْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ وَالْحُرُوفِ الْمُعْجَمَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ. أَجَابَ النَّافُونَ وَقَالُوا: أَمَّا الْكَلِمَاتُ الْمَذْكُورَةُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً، وَغَايَتُهُ اشْتِرَاكُ اللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: سِرْوَالٌ بَدَلُ سَرَاوِيلَ، وَفِي قَوْلِهِمْ تَنُّورُ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ مِمَّا اتَّفَقَ فِيهِ جَمِيعُ اللُّغَاتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خَفَاءِ كَلِمَةِ الْأَبِّ عَلَى عُمَرَ أَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا ; إِذْ لَيْسَ كُلُّ كَلِمَاتِ الْعَرَبِيَّةِ مِمَّا أَحَاطَ بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْعَرَبِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا مَعْنَى: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ حَتَّى سَمِعْتُ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ تَقُولُ أَنَا فَطَرْتُهُ أَيِ ابْتَدَأْتُهُ. وَأَمَّا بَعْثَتُهُ إِلَى الْكُلِّ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ اشْتِمَالَ الْكِتَابِ عَلَى غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ لِمَا ذَكَرُوهُ، وَإِلَّا لَزِمَ اشْتِمَالُهُ عَلَى جَمِيعِ اللُّغَاتِ، وَلَمَا جَازَ الِاقْتِصَارُ مِنْ كُلِّ لُغَةٍ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَعَذُّرِ الْبَيَانِ وَالْإِعْجَازِ بِهَا، وَمَا ذَكَرُوهُ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَلَامُ اللَّهِ الْمُحِيطُ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا عَلَى اللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَلَكِنَّهُ لَا يُوجِبُهُ فَلَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِهِ.

1 / 51