113

احکام فی اصول احکام

الإحكام في أصول الأحكام

ناشر

المكتب الإسلامي

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٤٠٢ هـ

محل انتشار

(دمشق - بيروت)

ژانرها

اصول فقه
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْوُجُوبِ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى اسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْوُجُوبِ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ (١) مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ; لِتَقَابُلِ حَدَّيْهِمَا كَمَا سَبَقَ تَعْرِيفُهُ إِلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجَوِّزُ التَّكْلِيفَ بِالْمُحَالِ. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ انْقِسَامُ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنَ الْأَفْعَالِ إِلَى وَاجِبٍ وَحَرَامٍ كَالسُّجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ، وَأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ وَاجِبًا حَرَامًا مِنْ جِهَتَيْنِ كَوُجُوبِ الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ الْوَاقِعِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ صَلَاةٌ، وَتَحْرِيمُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ غَصْبٌ شَاغِلٌ لِمِلْكِ الْغَيْرِ. فَذَلِكَ مِمَّا جَوَّزَهُ أَصْحَابُنَا مُطْلَقًا وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ، وَخَالَفَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَالُوا: السُّجُودُ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَكُونُ حَرَامًا وَلَا مَنْهِيًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّنَمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُجُودٌ، وَإِلَّا كَانَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مَأْمُورًا مَنْهِيًّا وَذَلِكَ مُحَالٌ، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ الْمَنْهِيُّ قَصْدُ تَعْظِيمِ الصَّنَمِ، وَهُوَ غَيْرُ السُّجُودِ. وَخَالَفَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَالزَّيْدِيَّةُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالُوا: الصَّلَاةُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَلَا صَحِيحَةٍ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ وَلَا عِنْدَهَا. وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِلَّا فِي سُقُوطِ الْفَرْضِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَسْقُطُ الْفَرْضُ عِنْدَهَا لَا بِهَا مَصِيرًا مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْوُجُوبَ وَالتَّحْرِيمَ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَا بِمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَالْأَفْعَالُ الْمَوْجُودَةُ مِنَ الْمُصَلِّي فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَاصٍ بِهَا مَأْثُومٌ بِفِعْلِهَا، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَفْعَالِ غَيْرُ مَا صَدَرَ عَنْهُ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ طَاعَةً وَلَا (٢) مُثَابًا عَلَيْهَا، وَلَا مُتَقَرِّبًا بِهَا، مَعَ أَنَّ التَّقَرُّبَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ. وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

(١) انْظُرْ بَحْثَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ، بِاعْتِبَارِ جِهَتَيْهِ فِي ص ٢٩٠ إِلَى ٣٠٩ مِنْ مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى ج٢٩. (٢) الْأَنْسَبُ حَذْفُ كَلِمَةِ: وَلَا.

1 / 115