الحاوی کبیر
الحاوي الكبير
پژوهشگر
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۹ ه.ق
محل انتشار
بيروت
فِيمَا أَخَذُوهُ مِنْ أَحْكَامِهِمْ، مِنْ كُتُبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ - مِنْهَا كِتَابُهُ إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَمِنْهَا الصَّحِيفَةُ الَّتِي أَخَذَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنْ قِرَابِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ - في نصف الزكاة فلما جاز ذلك في الْأَحْكَامُ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الشَّهَادَةِ جَازَ أن يعمل عليه فيما رواه على خطه وإن لم يجز أن نشهد بِخَطِّهِ. وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - قَالَ: " قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ " فَلَوْلَا أَنَّ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ عِنْدَ النِّسْيَانِ جَائِزٌ لَمْ يَكُنْ لِتَقْيِيدِهِ بِالْخَطِّ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَزَالُوا عَلَى قَدِيمِ الزَّمَانِ وَحُدُوثِهِ يَسْمَعُونَ عَمَّنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ فَلَا يُنْكِرُونَهُ، وَلَا يَجْتَنِبُونَ سَمَاعَهُ فَصَارَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ سَمَاعِ صَوْتِ الْمُحَدِّثِ، وَإِنْ لَمْ يره لرحمه أَوْ لِذَهَابِ بَصَرِهِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ جَازَ أَنْ يَرْوِيَ مِنْ خَطِّهِ الْمَوْثُوقِ بِهِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ.
فصل: الصنف الثالث
وَأَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ وَهُمُ الْمُجْمِعُونَ عَلَى حُكْمٍ فَتَقْلِيدُهُمْ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَفَرْضُ الِاجْتِهَادِ عَنَّا فِيهِ سَاقِطٌ، لِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا وَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ النَّظَّامُ وَذَهَبَ إِلَيْهِ الْخَوَارِجُ مِنْ إِبْطَالِ الْإِجْمَاعِ وَإِسْقَاطِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، اسْتِدْلَالًا بِتَجْوِيزِ الْخَطَأِ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ إِلَّا وَاحِدًا وَهُوَ عَلَى الْآخَرِ لجوز، فلما كان خلاف الجميع إلا واحد جَازَ خِلَافُهُمْ مَعَ الْوَاحِدِ لِأَنَّ هَذِهِ شُبْهَةٌ فَاسِدَةٌ يُبْطِلُهَا النَّصُّ وَيُفْسِدُهَا الدَّلِيلُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥] . فَتَوَعَّدَ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ جَوَّزَ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ فَقَدِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ " ومن أبطل الإجماع جعلهم مجتمعين على ضلال، وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مِنَ الْكَافَّةِ مَعَ اخْتِلَافِ أَغْرَاضِهِمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا عَنْ دَلِيلٍ يُوجِبُ اتِّفَاقَهُمْ، وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ الدَّلِيلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا بِهِ، أَوْ غَيْرَ مَقْطُوعٍ، فَإِنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ لَمْ يَجُزْ خِلَافُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِهِ لَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ إِلَّا بِمَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1 / 26