164

الحاوی کبیر

الحاوي الكبير

ویرایشگر

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

ناشر

دار الكتب العلمية

ویراست

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۹ ه.ق

محل انتشار

بيروت

(مسألة: جواز الاستنجاء بالجلد المدبوغ)
قال الشافعي ﵁: " وَلَا بَأْسَ بِالْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ أَنْ يُسْتَطَابَ بِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْجُلُودَ ضَرْبَانِ مَدْبُوغَةٌ وَغَيْرُ مَدْبُوغَةٍ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَدْبُوغًا فَضَرْبَانِ مُذَكَّى وَغَيْرُ مُذَكَّى، فَأَمَّا الْمَدْبُوغُ الْمُذَكَّى فَالِاسْتِنْجَاءُ بِهِ جَائِزٌ، لَا تَخْتَلِفُ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُزِيلٌ غَيْرُ مَطْعُومٍ، فَأَمَّا الْمَدْبُوغُ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَهُوَ أَحَدُ جِلْدَيْنِ، أَمَّا جِلْدُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ جِلْدُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِذَا مَاتَ فَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الجديد يجوز بيعه فعلى هذا جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُزِيلٌ غَيْرُ مَطْعُومٍ فَأَشْبَهَ الْمُذَكَّى الْمَدْبُوغَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ لَمَّا أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْمَيْتَةِ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِهِ أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَهَا فِي تحريم الاستنجاء له.
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يُدْبَغْ فَضَرْبَانِ مُذَكَّى وَغَيْرُ مُذَكَّى.
فَأَمَّا غَيْرُ الْمُذَكَّى إِمَّا لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ أَوْ غَيْرُ مَأْكُولٍ فَلَا يَجُوزُ الاستنجاء له لِنَجَاسَتِهِ.
وَأَمَّا الْمُذَكَّى فَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي نَقْلِ الرَّبِيعِ وَالْمُزَنِيِّ، وَمَا يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ، وَتَوْجِيهُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ كَالْعَظْمِ وَرَوَى الْبُوَيْطِيُّ جَوَازَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَكَانَ أَبُو حَامِدٍ وَطَائِفَةٌ يُخَرِّجُونَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ بِفِرَاقِ اللَّحْمِ عَنْ حَدِّ الْمَأْكُولِ: فَصَارَ كَالْمَدْبُوغِ وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّيْمَرِيُّ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَيَحْمِلُ رِوَايَةَ الرَّبِيعِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ طَرِيًّا لَيِّنًا، وَرِوَايَةَ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ يَجُوزُ إِذَا كَانَ قَدِيمًا يَابِسًا، وَوَجَدْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيَّةِ أَنَّهُ يَحْمِلُ رِوَايَةَ الرَّبِيعِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى بَاطِنِ الْجِلْدِ وَدَاخِلِهِ لِأَنَّهُ بِاللَّحْمِ أَشْبَهُ، وَيَحْمِلُ رِوَايَةَ الْبُوَيْطِيِّ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْجِلْدِ وَخَارِجِهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حَالِ اللَّحْمِ لِخُشُونَتِهِ وَغِلَظِهِ وَهَذَا قَوْلٌ مَرْدُودٌ وَتَبْعِيضٌ مُطَّرَحٌ وَإِنَّمَا حَكَيَاهُ تَعَجُّبًا.

1 / 172