ويزيد هذا الإجماعَ قوَّةً؛ إجماعُ العلماء على أن المعاصي الشبهاتية (البدع) أشدُّ إثمًا من المعاصي الشهوانية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «أهل البدع شرٌّ من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع» (^١).
فبهذا يتبين أن البدع أشد إثمًا من الكبائر.
وسيأتي - إن شاء الله - تقرير الشاطبي لذلك.
الدليل السادس: أن للبدع لوازمَ شنيعةً، منها زَعْم أنَّ الدين لم يكملْ، فتكون تكذيبًا لقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾] المائدة: ٣ [.
ومنها اتهام رسول الله ﷺ أنه خان الرسالة، قال الإمام مالك بن أنس:
«من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئًا لم يكن عليه سلفُها، فقد زعم أن رسول الله ﷺ خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. فما لم يكن يومئذٍ دينًا، لا يكون اليوم دينًا» (^٢).
وهذه اللوازم لا توجد في عموم المعاصي الشهوانية من الصغائر والكبائر.
ومما يؤكد أن البدعة أشد إثمًا من المعاصي الشهوانية، كلماتُ أهل العلم في ذم البدع، وتقدم نقل طرف منها.