الأول: هو إقدام الصحابة ﵃ على فعل تلك الأمور المحدثة قبل أن يبين لهم النبي ﷺ مشروعيتها، مع تمكنهم من ذلك بكل يسر وسهولة، الأمر الذي يعني أنهم لم يكونوا يشعرون بالحرج في فعل ذلك، ولم يكونوا يرونها من البدع المذمومة، وإلا لأحجموا عنها.
الثاني: هو إقرار النبي ﷺ أصحابه على ما فعلوه وأحدثوه من الأمور الدينية، وعدم إنكاره ﷺ عليهم، الأمر الذي يدل دلالة واضحة على أن ترك النبي ﷺ للشيء لا يقتضي تحريمه، وإلا لكان كل ما فعله الصحابة ﵃ من الأمور محرمًا، لعدم فعله ﷺ له.
إن هذه الأدلة توضح أن قضية تعميم منع العبادات إلا بتوقيف تنقصها بعض الدقة» (^١).
وبناء على زعمه بوجود الإحداث عند الصحابة جعله دليلًا على جواز الإحداث في الدين، وأنه لا يصح أن يقال: إن الأصل في العبادات التوقيف على الإطلاق.
وكشف هذه الشبهة من أوجه:
أولًا: أن كلام الصحابة كثير في الأمر بالاتباع وترك الابتداع، مما يدل على أن العبادات توقيفية على الإطلاق، وتقدم ذكر قول بعضهم كقول ابن مسعود: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم» (^٢)، وقال ابن عمر: «وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة» (١).