31

Useful Fatwas for the People of the Era, Abridged from the 35 Volumes of Imam Ibn Taymiyyah's Fatwas

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

ویرایشگر

حسين الجمل

ناشر

دار ابن الجوزي

سال انتشار

۱۴۱۱ ه.ق

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

هذا حق التصور لامتنع صدور الفعل منه، ومتى فعل هذه الخطيئة فلابد من أحد ((ثلاثة أشياء)):

إما اضطراب العقيدة: بأن يعتقد بأن الوعيد ليس ظاهره كباطنه وإنما مقصوده الزجر كما تقوله المرجئة، أو أن هذا إنما يحرم على العامة دون الخاصة كما يقوله الإباحية، أو نحو ذلك من العقائد التي تخرج عن الملة.

وإما الغفلة والذهول عن التحريم، وعظمة الرب وشدة بأسه.

وإما فرط شهوة: بحيث يقهر مقتضى الإيمان، ويمنعه موجبه بحيث يصير الاعتقاد مغموراً مقهوراً كالعقل في النائم والسكران، وكالروح في النائم.

ومعلوم أن ((الإيمان)) الذي هو الإيمان ليس باقياً كما كان إذ ليس مستقراً ظاهراً في القلب، واسم المؤمن عند الإطلاق إنما ينصرف إلى من يكون إيمانه باقياً على حاله عاملاً عمله وهو يشبه من بعض الوجوه روح النائم، فإنه سبحانه يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها، فالنائم ميت من وجه، حي من وجه، وكذلك السكران والمغمى عليه عاقل من وجه وليس بعاقل من وجه.

فإذا قال قائل: السكران ليس بعاقل فإذا صحا عاد عقله إليه كان صادقاً مع العلم بأنه ليس بمنزلة البهيمة، إذ عقله مستور وعقل البهيمة معدوم، بل الغضبان ينتهي به الغضب إلى حال يعزب فيها عقله ورأيه، وفي الأثر: ((إذا أراد الله نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم فإذا أنفذ قضائه وقدره ردَّ عليهم عقولهم ليعتبروا)) فالعقل الذي به يكون التكليف لم يسلب، وإنما سلب العقل الذي به يكون صلاح الأمور في الدنيا والآخرة.

كذلك الزاني والسارق والشارب والمنتهب لم يُعدم الإيمان الذي به يستحق أن لا يخلد في النار، وبه تُرجى له الشفاعة والمغفرة، وبه يستحق المناكحة والموارثة، لكن عُدِمَ الإيمان الذي به يستحق النجاة من العذاب، ويستحق به تكفير السيئات، وقبول الطاعات، وكرامة الله ومثوبته، وبه يستحق أن يكون محموداً مرضياً.

وهذا يبين أن الحديث على ظاهره الذي يليق به. والله أعلم.

31