118

الداء والدواء

الداء والدواء

ناشر

دار المعرفة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۸ ه.ق

محل انتشار

المغرب

ژانرها

عرفان
ثُمَّ هَذِهِ الذُّنُوبُ تَنْقَسِمُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: مَلَكِيَّةٍ، وَشَيْطَانِيَّةٍ، وَسَبُعِيَّةٍ، وَبَهِيمِيَّةٍ، وَلَا تَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ.
فَالذُّنُوبُ الْمَلَكِيَّةُ أَنْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَصِحُّ لَهُ مِنْ صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ، كَالْعَظَمَةِ، وَالْكِبْرِيَاءِ، وَالْجَبَرُوتِ، وَالْقَهْرِ، وَالْعُلُوِّ، وَاسْتِعْبَادِ الْخَلْقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا شِرْكٌ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ نَوْعَانِ: شِرْكٌ بِهِ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَجَعْلُ آلِهَةٍ أُخْرَى مَعَهُ، وَشِرْكٌ بِهِ فِي مُعَامَلَتِهِ، وَهَذَا الثَّانِي قَدْ لَا يُوجِبُ دُخُولَ النَّارِ، وَإِنْ أَحْبَطَ الْعَمَلَ الَّذِي أَشْرَكَ فِيهِ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ.
وَهَذَا الْقِسْمُ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الذُّنُوبِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الذُّنُوبِ، فَقَدْ نَازَعَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَمُلْكِهِ، وَجَعَلَ لَهُ نِدًّا، وَهَذَا أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا يَنْفَعُ مَعَهُ عَمَلٌ.
فَصْلٌ الذُّنُوبُ الشَّيْطَانِيَّةُ وَأَمَّا الشَّيْطَانِيَّةُ: فَالتَّشَبُّهُ بِالشَّيْطَانِ فِي الْحَسَدِ، وَالْبَغْيِ وَالْغِشِّ وَالْغِلِّ وَالْخِدَاعِ وَالْمَكْرِ، وَالْأَمْرِ بِمَعَاصِي اللَّهِ وَتَحْسِينِهَا، وَالنَّهْيِ عَنْ طَاعَتِهِ وَتَهْجِينِهَا، وَالِابْتِدَاعِ فِي دِينِهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ.
وَهَذَا النَّوْعُ يَلِي النَّوْعَ الْأَوَّلَ فِي الْمَفْسَدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ دُونَهُ.
فَصْلٌ الذُّنُوبُ السَّبُعِيَّةُ وَأَمَّا السَّبُعِيَّةُ: فَذُنُوبُ الْعُدْوَانِ وَالْغَضَبِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَالتَّوَثُّبِ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالْعَاجِزِينَ، وَيَتَوَلَّدُ مِنْهَا أَنْوَاعُ أَذَى النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ وَالْجَرْأَةِ عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ.
الذُّنُوبُ الْبَهِيمِيَّةُ وَأَمَّا الذُّنُوبُ الْبَهِيمِيَّةُ: فَمِثْلُ الشَّرَهِ وَالْحِرْصِ عَلَى قَضَاءِ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، وَمِنْهَا يَتَوَلَّدُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَأَكْلُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَالْبُخْلُ، وَالشُّحُّ، وَالْجُبْنُ، وَالْهَلَعُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

1 / 124