خواصه من ذوي الرأي، واستشارهم في ذلك، فكلهم أشاروا بعدم تجهيزها إليه، إلا مطران واحد قال: جهزها إليهم، فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها وأوقعت بين علمائها" ١. وهكذا كان الأمر، فانتشرت الأفكار الفاسدة، وكان من أول هذه الأفكار: أفكار عبد الله بن سبأ، فنشأت الرافضة وبنت عقائدها على ذلك الأساس العقلي المتبع للهوى، كما يقول ابن القيم في الصواعق ج ١/ ١١٨ عن الطوائف التي خالفت أهل السنة والجماعة فأصلت مذاهبها على تلك القواعد بعقولهم، قال: "فأصّلت الرافضة عداوة الصحابة، وبناء على هذا الأصل ردُّوا كل ما جاء في فضائلهم والثناء عليهم، أو تأولوه. ثم ظهرت فرقة الخوارج وهم من أتباع عبد الله بن سبأ فهم الذين قتلوا عثمان ﵁، ثم خرجوا على علّي بن أبي طالب، وكفروه وكفروا الصحابة جميعا، ثم جعلوا لهم أصلًا وهو: أن مرتكب الكبيرة كافر في الدنيا، والآخرة، وهم جهال لا يعرفون نصوص الشريعة، فقد وصفهم رسول الله ﷺ بأنهم يقتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان. كما وصفهم رسول الله ﷺ بعدم الفقه في الدين مع الجلد في العبادة على الجهل، فقال في وصفهم: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وقراءتكم مع قراءتهم"، وفي رواية لمسلم: "قوم يقرءون القرآن بألسنتهم ولا يعدو تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرّميه"، وحثّ على قتلهم فقال: "فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة"٢، وقد قتل تلك الطائفة المارقة علي بن أبي طالب وأصحابه، لأنهم بَدلَ أن يكونوا تلاميذًا للصحابة الذين حضروا التنزيل وصحبوا رسول الله ﷺ ليتفقهوا على أيديهم، ويأخذوا تعاليم الشريعة الإسلامية وأحكامها منهم، _________ ١ لوامع الأنوار ١/٩ الذهبي، سير أعلام النبلاء ١/٢٧٨ أشار إلى ذلك، والسيوطي تأريخ الخلفاء ٣٢٧. الخطط للمقريزي ٢/٣٥٧. وقد ذكر أن المأمون بعث إلى بلاد الروم من عرب له كتب الفلاسفة. وذكر ذلك ابن خلدون في المقدمة ٨٩٣. ٢ مسلم، الزكاة، باب التحريض على قتل الخوارج ٢/٧٤٦ ح١٥٤.