وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (٢٠)﴾ [النُّور].
من دلالات الآيات وعظاتها وهداياتها
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ﴾ وهو أعظم ما يكون مِنَ الكَذِبِ على عائشة ﵂، والاسم الموصول (الَّذين) ظَاهِر في إرادة جماعة، وفي لفظ (جاؤوا) إشارة إلى أنَّ الإفْك لا أصل لَه، وإنَّما جاؤوا بِه مِن عند أنفسهم ﴿عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ جماعة منكم، وعلى رأسهم رأس المنافقين ابن أبيّ. قلت: وقد عُدَّ ابن أبيّ في المؤمنين وليس منهم، وهو أسلوب معروف في العربيَّة كما قال تعالى عن إبليس: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ (٣١)﴾ [الحجر] فقد عُدّ إبليس في الملائكة وهو ليس منهم.
﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ﴾ الخِطَابَ وإن كان عامًّا لكلِّ مؤمن سَاءَه ذلك، لكن فيه تسلية خاصَّة للنَّبيِّ ﷺ، وأبي بكر، وعائشة، وأمِّ رومان، ومسطح لا إله إلا الله.
﴿بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فلا عجب أن تحطَّ البلايا وتنزل الرَّزايا بالأنبياء والأولياء؛ سأل سَعْد ﵁ النَّبيَّ ﷺ، قَالَ: "قلت: يَا رَسُولَ الله، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ مِنْ النَّاسِ" (^١) وذلك لما فيها من الخير الخفيّ والجليّ، قال ﷺ "إِنَّ الرَّجُلَ لتَكُون لَهُ عِنْدَ الله المَنْزِلَةُ، فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ، فَلَا يَزَالُ الله يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِيَّاهَا" (^٢).