47

الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية

الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية

ناشر

دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع

ویراست

الثانية

سال انتشار

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

محل انتشار

القاهرة - دار سبل السلام - الفيوم

ژانرها

يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا، عَلَيَّ بُرْدَةٌ مُضطَجِعًا فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي- فَذَكَرَ الْقِيَامَةَ، وَالْبَعْثَ، وَالْحِسَابَ، وَالْمِيزَان، وَالْجَنَّةَ، وَالنَّارَ.
قال: فقَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوْثَانٍ لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ.
فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ! أو تَرَى هَذَا كَائِنًا، إِنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إلى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ؟! قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، أَنَّ لَهُ عظة مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ في الدار يُحَمُّونَهُ، ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فيطينونه عَلَيْهِ، وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا.
قَالُوا: وَيْحَكَ يا فلان! فمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيُّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبلَادِ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ.
قَالُوا: وَمَتَى تَرَاهُ؟
قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ.
قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ الله محمدًا رَسُولَهُ ﷺ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؛ فَآمَنَّا بِهِ، وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا.
قال: فَقُلْنَا له: ويحك يَا فُلَانُ! أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: بَلَى وَلكن لَيْسَ بِهِ (١).
وروى ابن إسحاق أيضًا عن عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا: إن مما دعانا إلى الإِسلام- مع رحمة الله تعالى وهداه لنا- لما كنا نسمع من رجال يهود، كنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم

(١) صحيح: أخرجه أحمد ٣/ ٤٦٧، وابن هشام في "السيرة" ١/ ١٥٨ - ١٥٩، وصححه الألباني في "صحيح السيرة" (٥٩).

1 / 48