Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer
العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
پژوهشگر
خالد بن عثمان السبت
ناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
شماره نسخه
الخامسة
سال انتشار
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
محل انتشار
دار ابن حزم (بيروت)
ژانرها
أن الصلاةَ صعبةٌ شَاقَّةٌ على غيرِ مَنْ فِي قُلُوبِهُمُ الخوفُ من الله، ويدلُّ لذلك شدةُ عِظَمِهَا على المنافقين، كما قال جل وعلا: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَاّ قَلِيلًا﴾ [النساء: آية ١٤٢]، وقال جل وعلا: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)﴾ [الماعون: الآيتان ٤، ٥].
وقوله: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: آية ٤٦]، ﴿الَّذِينَ﴾ في مَحَلِّ خفضٍ نعتٌ للخاشعين (^١) أَيْ: ﴿إِلَاّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾. والظنُّ هنا معناه اليقينُ، على التحقيقِ (^٢)، خلافًا لمن شَذَّ فزعم أنه الظنُّ المعروفُ، وأن المتعلقَ محذوفٌ، والمعنى: يظنون أنهم مُلَاقُو رَبِّهِمْ بِذُنُوبٍ، فَهُمْ وَجِلُونَ من تلك الذنوبِ. فهذا غيرُ ظاهرٍ، ولا يجوزُ حَمْلُ القرآنِ عليه وإن قال به بعضُ العلماءِ (^٣). والتحقيقُ أن معنى: ﴿يَظُنُّونَ﴾: يُوقِنُونَ، وقد تَقَرَّرَ في علمِ العربيةِ أن الظنَّ يُطْلَقُ في العربيةِ وفي القرآنِ إِطْلَاقَيْنِ (^٤):
يُطْلَقُ الظنُّ بمعنى اليقينِ، ومنه قولُه هنا: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: آية ٤٦]، أي: يُوقِنُونَ، ومنه بهذا المعنى: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: آية ٢٠]، أي: أيقنتُ أني ملاقٍ حِسَابِيَهْ، ومنه قولُه تعالى: ﴿وَرَءَا المُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا﴾ [الكهف: آية ٥٣]، أي: أَيْقَنُوا أنهم مُوَاقِعُوهَا ... إلى غير ذلك من الآيات. ومن أمثلةِ إطلاقِ العربِ الظنَّ على اليقينِ قولُ دُرَيْدِ بن الصِّمَّةِ (^٥):
فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بِأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ ... سَرَاتُهُمْ فِي الْفَارِسِيِّ الْمُسَرَّدِ
فقوله: «ظُنُّوا» أي: أَيْقِنُوا.
وقول عميرة بن طارق (^٦):
بِأَنْ تَغْتَزُوا قَوْمِي وَأَقْعُدُ فِيكُمُ ... وَأَجْعَلُ مِنِّي الظَّنَّ غَيْبًا مُرَجَّمَا
أي: أجعلُ مني اليقينَ غَيْبًا مُرَجَّمًا، فمعنى ﴿يَظُنُّونَ﴾ أي: يُوقِنُونَ.
_________
(^١) انظر: القرطبي (١/ ٣٧٥)، الدر المصون (١/ ٣٣٢).
(^٢) انظر: أضواء البيان (١/ ٧٥)، دفع إيهام الاضطراب (ملحق بالأضواء ص٢٠).
(^٣) انظر: الدر المصون (١/ ٣٣٢).
(^٤) انظر: المقاييس في اللغة: كتاب الظاء، باب الظاء وما معها في المضاعف والمطابق، (مادة: ظن) ص٦٣٩، ابن جرير (٢/ ١٧ - ١٨).
(^٥) انظر: ابن جرير (٢/ ١٨)، اللسان (مادة: ظنن) (٢/ ٦٥٤).
(^٦) انظر: ابن جرير (٢/ ١٨).
1 / 52