بحسنك ففكر فِيمَا يُولد عَلَيْك مِمَّا نستحي نَحن من إثْبَاته وتستحي أَنْت مِنْهُ إِذا ذهب عَنْك بدخولك فِي السن وَفِيمَا ذكرنَا كِفَايَة وَإِن أعجبت بمدح إخوانك لَك ففكر فِي ذمّ أعدائك إياك فَحِينَئِذٍ ينجلي عَنْك الْعجب فَإِن لم يكن لَك عَدو فَلَا خير فِيك وَلَا منزلَة أسقط من منزلَة من لَا عَدو لَهُ فَلَيْسَتْ إِلَّا منزلَة من لَيْسَ الله تَعَالَى عِنْده نعْمَة يحْسد عَلَيْهَا عَافَانَا الله فَإِن استحقرت عيوبك ففكر فِيهَا لَو ظَهرت إِلَى النَّاس وتمثل إطلاعهم عَلَيْهَا فَحِينَئِذٍ تخجل وتعرف قدر نقصك إِن كَانَت لَك مسكة من تَمْيِيز وَاعْلَم بأنك إِن تعلمت كَيْفيَّة تركيب الطبائع وتولد الْأَخْلَاق من امتزاج عناصرها المحمولة فِي النَّفس فستقف من ذَلِك وقُوف يَقِين على أَن فضائلك لَا خصْلَة لَك فِيهَا وَأَنَّهَا منح من الله تَعَالَى لَو منحها غَيْرك لَكَانَ مثلك وَأَنَّك لَو وكلت إِلَى نَفسك لعجزت وَهَلَكت فَاجْعَلْ بدل عجبك بهَا شكرا لواهبك إِيَّاهَا وإشفاقا من زَوَالهَا فقد تَتَغَيَّر الْأَخْلَاق الحميدة بِالْمرضِ وبالفقر وبالخوف وبالغضب وبالهرم وَارْحَمْ من منع مَا منحت وَلَا تتعرض لزوَال مَا بك من النعم بالتعاصي على واهبها تَعَالَى وَبِأَن تجْعَل لنَفسك فِيمَا وهبك خصْلَة أَو حَقًا فتقدر أَنَّك اسْتَغْنَيْت عَن عصمته فتهلك عَاجلا أَو آجلا وَلَقَد أصابتني عِلّة شَدِيدَة ولدت عَليّ ربوا فِي الطحال شَدِيدا فولد ذَلِك عَليّ من الضجر وضيق الْخلق وَقلة الصَّبْر والنزق أمرا حاسبت نَفسِي فِيهِ إِذْ أنْكرت تبدل خلقي وَاشْتَدَّ عجبي من مفارقتي لطبعي وَصَحَّ عِنْدِي أَن الطحال مَوضِع الْفَرح إِذا فسد تولد ضِدّه وَإِن
1 / 71