عنْدك بِحَق وَذَلِكَ أَن من نقل إِلَيْك كذبا عَن إِنْسَان حرك طبعك فأجبته فَرجع عَنْك بِحَق فتحفظ من هَذَا وَلَا تجب إِلَّا عَن كَلَام صَحَّ عنْدك عَن قَائِله لَا شَيْء أقبح من الْكَذِب وَمَا ظَنك بِعَيْب يكون الْكفْر نوعا من أَنْوَاعه فَكل كفر كذب فالكذب جنس وَالْكفْر نوع تَحْتَهُ وَالْكذب متولد من الْجور والجبن وَالْجهل لِأَن الْجُبْن يُولد مهانة النَّفس والكذاب مهين النَّفس بعيد عَن عزتها المحمودة رَأَيْت النَّاس فِي كَلَامهم الَّذِي هُوَ فصل بَينهم وَبَين الْحمير وَالْكلاب والحشرات ينقسمون أقساما ثَلَاثَة أَحدهمَا من لَا يُبَالِي فِيمَا أنْفق كَلَامه فيتكلم بِكُل مَا سبق إِلَى لِسَانه غير مُحَقّق نصر حق وَلَا إِنْكَار بَاطِل وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَب فِي النَّاس وَالثَّانِي أَن يتَكَلَّم ناصرا لما وَقع فِي نَفسه أَنه حق ودافعا لما توهم أَنه بَاطِل غير مُحَقّق لطلب الْحَقِيقَة لَكِن لجاجا فِيمَا الْتزم وَهَذَا كثير وَهُوَ دون الأول وَالثَّالِث وَاضع الْكَلَام فِي مَوْضِعه وَهَذَا أعز من الكبريت الْأَحْمَر لقد طَال هم من غاظه الْحق اثْنَان عظمت راحتهما أَحدهمَا فِي غَايَة الْمَدْح وَالْآخر فِي غَايَة الذَّم وهما مطرح الدُّنْيَا ومطرح الْحيَاء لَو لم يكن من التزهيد فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَن كل إِنْسَان فِي الْعَالم فَإِنَّهُ كل
1 / 61