مداواة النفوس

ابن حزم d. 456 AH
43

مداواة النفوس

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

پژوهشگر

بلا

ناشر

دار الآفاق الجديدة

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

محل انتشار

بيروت

محبته لابنته وَابْنَة أَخِيه وَإِن كَانَتَا أجمل مِنْهَا لِأَنَّهُ يطْمع من الْوُصُول إِلَى ابْنة عَمه حَيْثُ لَا يطْمع من الْوُصُول إِلَى ابْنَته وَابْنَة أَخِيه ونجد النَّصْرَانِي قد أَمن ذَلِك من نَفسه فِي ابْنة عَمه أَيْضا لِأَنَّهُ لَا يطْمع مِنْهَا فِي ذَلِك وَلَا يَأْمَن ذَلِك من نَفسه فِي أُخْته من الرضَاعَة لِأَنَّهُ طامع بهَا فِي شَرِيعَته فلاح بِهَذَا عيَانًا مَا ذكرنَا من أَن الْمحبَّة كلهَا جنس وَاحِد لَكِنَّهَا تخْتَلف أَنْوَاعهَا على قدر اخْتِلَاف الْأَغْرَاض فِيهَا وَإِلَّا فطبائع الْبشر كلهم وَاحِدَة إِلَّا أَن للْعَادَة والاعتقاد الديني تَأْثِيرا ظَاهرا ولسنا نقُول إِن الطمع لَهُ تَأْثِير فِي هَذَا الْفَنّ وَحده لَكنا نقُول إِن الطمع سَبَب إِلَى كل هم حَتَّى فِي الْأَمْوَال وَالْأَحْوَال فإننا نجد الْإِنْسَان يَمُوت جَاره وخاله وَصديقه وَابْن عمته وَعَمه لأم وَابْن أَخِيه لأم وجده أَبُو أمه وَابْن بنته فَإذْ لَا مطمع لَهُ فِي مَاله ارْتَفع عَنهُ الْهم لفوته عَن يَده وَإِن جلّ خطره وَعظم مِقْدَاره فَلَا سَبِيل إِلَى أَن يمر الاهتمام لشَيْء مِنْهُ بِبَالِهِ حَتَّى إِذا مَاتَ لَهُ عصبَة على بعد أَو مولى على بعد وَحدث لَهُ الطمع فِي مَاله حدث لَهُ من الْهم والأسف والغيظ والفكرة بفوت الْيَسِير مِنْهُ عَن يَده أَمر عَظِيم وَهَكَذَا فِي الْأَحْوَال فنجد الْإِنْسَان من أهل الطَّبَقَة الْمُتَأَخِّرَة لَا يهتم لإنفاذ غَيره أُمُور بَلَده دون أمره وَلَا لتقريب غَيره وإبعاده حَتَّى إِذا حدث لَهُ مطمع فِي هَذِه الْمرتبَة حدث لَهُ من الْهم والفكرة والغيظ أَمر رُبمَا قَادَهُ إِلَى تلف نَفسه وَتلف دُنْيَاهُ وأخراه فالطمع إِذا أصل لكل ذل وَلكُل هم وَهُوَ خلق سوء ذميم وضده نزاهة النَّفس وَهَذِه صفة فاضلة مركبة من النجدة والجود وَالْعدْل والفهم لِأَنَّهُ رأى قلَّة الْفَائِدَة فِي اسْتِعْمَال ضدها فاستعملها وَكَانَت فِيهِ

1 / 53