بِنَفْسِك وَرُبمَا هَلَكت وَهَذَا الَّذِي لَا يرضى الْفَاضِل بسواه إِذا تنشب فِي الصداقة وَإِذا تفكرت فِي الْهم بِمَا يعرض لَهُم وَفِيهِمْ من موت أَو فِرَاق أَو غدر من يغدر مِنْهُم كَاد السرُور بهم لَا يَفِي بالحزن الممض من أَجلهم وَلَيْسَ فِي الرذائل أشبه بالفضائل من محبَّة الْمَدْح وَدَلِيل ذَلِك أَنه فِي الْوَجْه سخف مِمَّن يرضى بِهِ وَقد جَاءَ فِي الْأَثر فِي المداحين مَا جَاءَ إِلَّا أَنه قد ينْتَفع بِهِ فِي الإقصار عَن الشَّرّ والتزيد من الْخَيْر وَفِي أَن يرغب فِي ذَلِك الْخلق الممدوح من سَمعه وَلَقَد صَحَّ عِنْدِي أَن بعض السائسين للدنيا لَقِي رجلا من أهل الْأَذَى للنَّاس وَقد قلد بعض الْأَعْمَال الخبيثة فقابله بالثناء عَلَيْهِ وَبِأَنَّهُ قد سمع شكره مستفيضا وَوَصفه بالجميل والرفق منتشرا فَكَانَ ذَلِك سَببا إِلَى إقْصَار ذَلِك الْفَاسِق عَن كثير من شَره بعض أَنْوَاع النَّصِيحَة يشكل تَمْيِيزه من النميمة لِأَن من سمع إنْسَانا يذم آخر ظَالِما لَهُ أَو يكيده ظَالِما لَهُ فكتم ذَلِك عَن الْمَقُول فِيهِ والمكيد كَانَ الكاتم لذَلِك ظَالِما مذموما ثمَّ إِن أعلمهُ بذلك على وَجهه كَانَ رُبمَا قد ولد على الذام والكائد مَا لم يبلغهُ اسْتِحْقَاقه بعد من الْأَذَى فَيكون ظَالِما لَهُ وَلَيْسَ من الْحق أَن يقْتَصّ من الظَّالِم بِأَكْثَرَ من قدر ظلمه فالتخلص من هَذَا الْبَاب صَعب إِلَّا على ذَوي الْعُقُول والرأي للعاقل فِي مثل هَذَا أَن يحفظ الْمَقُول فِيهِ من الْقَائِل فَقَط دون أَن
1 / 44