مداواة النفوس

ابن حزم d. 456 AH
21

مداواة النفوس

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

پژوهشگر

بلا

ناشر

دار الآفاق الجديدة

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

محل انتشار

بيروت

حسها حَتَّى تشاهد الغيوب قد نسيت مَا كَانَ فِيهِ قبيل نومها نِسْيَانا تَاما الْبَتَّةَ على قرب عهدها بِهِ وَحدثت لَهَا أَحْوَال أخر وَهِي فِي كل ذَلِك ذاكرة حساسة متلذذة آلمة وَلَذَّة النّوم محسوسة فِي حَاله لِأَن النَّائِم يلتذ ويحتلم وَيخَاف ويحزن فِي حَال نَومه إِنَّمَا تأنس النَّفس بِالنَّفسِ فَأَما الْجَسَد فمستثقل مهروم بِهِ وَدَلِيل ذَلِك استعجال الْمَرْء بدفن جَسَد حَبِيبه إِذا فارقته نَفسه وأسفه لذهاب النَّفس وَإِن كَانَت الجثة حَاضِرَة بَين يَدَيْهِ لم أر لإبليس أصيد وَلَا أقبح وَلَا أَحمَق من كَلِمَتَيْنِ ألقاهما على أَلْسِنَة دعاته إِحْدَاهمَا اعتذار من أَسَاءَ بِأَن فلَانا أَسَاءَ قبله وَالثَّانيَِة استسهال الْإِنْسَان أَن يسيء الْيَوْم لِأَنَّهُ قد أَسَاءَ أمس أَو أَن يسيء فِي وَجه مَا لِأَنَّهُ قد أَسَاءَ فِي غَيره فقد صَارَت هَاتَانِ الكلمتان عذرا مسهلتين للشر ومدخلتين لَهُ فِي حد مَا يعرف وَيحمل وَلَا يُنكر اسْتعْمل سوء الظَّن حَيْثُ تقدر على توفيته حَقه فِي التحفظ وَالتَّأَهُّب وَاسْتعْمل حسن الظَّن حَيْثُ لَا طَاقَة بك على التحفظ فتربح رَاحَة النَّفس حد الْجُود وغايته أَن تبذل الْفضل كُله فِي وُجُوه الْبر وَأفضل ذَلِك فِي الْجَار الْمُحْتَاج وَذي الرَّحِم الْفَقِير وَذي النِّعْمَة الذاهبة والأحضر فاقة وَمنع الْفضل من هَذِه الْوُجُوه دَاخل فِي الْبُخْل وعَلى قدر التَّقْصِير والتوسع فِي ذَلِك يكون الْمَدْح والذم وَمَا وضع فِي غير هَذِه الْوُجُوه فَهُوَ

1 / 31