لا لعمري! ليس في الميراث الإنساني شيوخ ولا شباب، بل همم وطاقة وحمية.
فالنبوغ قريحة توجد أولا، وعمل يوجد أولا وآخرا. وما دام الجهاز الدماغي صالحا للأخذ والإعطاء، فلا تضير الشيخوخة أحدا، كما لا تنفع الشبوبية شيئا، إذا كانت بلا طاقة.
إن خيط العبقرية يمتد من المهد ولا ينتهي إلا في اللحد، والأدلة على ذلك كثيرة. فإذا استقرينا التاريخ أنبأنا أن الأعمال الجليلة، في كل ميدان، كان فرسانها من الشيوخ والشبان.
ليست العبقرية بضاعة، فنعطى منها نماذج بلا ثمن؛ إن ثمنها موجع جدا.
العبقرية كالأرض الطيبة التي تخرج نباتها بإذن ربها ثم تعطيك بقدر ما تحرثها وتغذيها. وكنز العبقرية المطمور لا ينبشه إلا العامل المثابر شيخا كان أو شابا؛ فلكي يكون الشبان فاتحين مكتشفين، فما عليهم إلا أن يجدوا لينبشوا الكنز المدفون بين تلافيف أدمغتهم.
أليس بالكد والتأمل وصلت القردة إلى أن تصور وتعرض رسومها مع رسوم نوابغ الفن؟ فكيف تريد أنت أن تكون شاعرا، كاتبا مكتشفا عبقريا، بلا تأمل ولا تفكير؟
إن الثرثرة تعوقنا جدا، وتبدد طاقتنا. فلنتأمل كم جاهدت تلك القردة المسكينة حتى حققت ظن داروين في جنسها، فاجتهد أنت واعمل مثلها صامتا.
يقول المثل: لا يخلو رأس من حكمة، وهذا ما حققته لنا الأيام.
إن الموهبة هي الأساس، أما حجارة البنيان فهي الإرادة، والرغبة والطاقة، وبذل أقصى الجهد. فإذا كنت مزودا بطاقة ولا تستثمرها فماذا تنتظر؟
لا يغرنك شبابك إذا كنت شرخا، ولا تهولنك شيخوختك إذا كنت هرما. فالقصة قصة طاقة، وعلى قدر طاقتك يكون إنتاجك.
صفحه نامشخص