إِنْ كَانَتِ الأَبْدَانُ نَائِيَةً ... فَنُفُوسُ أَهْلِ الظُّرْفِ تَأْتَلِفُ
يَا رُبَّ مُفْتَرِقَيْنِ قَدْ جَمَّعَتْ ... قَلْبَيْهِمَا الأَقْلامُ وَالصُّحُفُ
وَأَنْشَدَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ لِنَفْسِهِ:
لا تَشْتِمَنْ حَاسِدِي إِنْ بَلِيَّةٌ عَرَضَتْ ... فَالدَّهْرُ لَيْسَ عَلَى حَالٍ بِمُتَّرِكِ
ذُو الْفَضْلِ كَالتِّبْرِ طَوْرًا تَحْتَ مِنْقَعِهِ ... وَتَارَةً فِي ذُرَى تَاجٍ عَلَى مَلِكِ
وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا لِنَفْسِهِ:
سَلامٌ عَلَى أَهْلِ التَّلاقِي مُرَدَّدٌ ... وَلا لَقِيَ التَّفْرِيقُ أَهْلا وَلا سَهْلا
وَيَا بَيْنُ بِنْ عَنَّا ذَمِيمًا مُبْعَدًا ... وَيَا دَهْرُ قَرِّبْ كَالَّذِي يَعْهَدُ الْوَصْلا
أَقُولُ وَقَدْ هَمَّ الْفُؤَادُ بِرَحْلِهِ ... وَلَكِنْ وِجَاءُ الْقُرْبِ قَالَ لَهُ مَهْلا
لَعَلَّ الَّذِي يُدْنِي وَيُبْعِدُ وَالَّذِي ... قَضَى بِفِرَاقِ الشَّمْلِ أَنْ يَجْمَعَ الشَّمْلا
وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا لِلْوَزِيرِ أَبِي الْحَسَنِ جَعْفَرِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُصْحَفِيِّ، ﵀:
يَا ذَا الَّذِي أَوْدَعَنِي سِرَّهُ ... لا تُزْجِ أَنْ تسمعه منى
لم أجره بعدك فِي خاطري ... كأنه ما مر فِي أذني
ودعنا القاضي أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن عِيسَى، رحمه اللَّه تعالى، ودعنا أَبُو القاسم مَنْصُور بْن النعمان الصيمري، فقلت له: أوصني؟ فقل: ودعنا القاضي أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن سَعِيد السعدي، فقلت له: أوصني؟ فقال: ودعنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد النعماني، فقلت له أوصني؟ فقال: ودعنا عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد البلخي، فقلنا له: أوصنا؟ فقال: ودعنا عمار بْن علي الودي، فقلت له: أوصنا؟ فقال: ودعنا أَحْمَد بْن الْعَبَّاس النحوي، بالأهواز، فقلت له: أوصني؟ فقال: ودعنا أَحْمَد بْن عِيسَى الْبَصْرِيّ، بالبصرة، فقلت له: أوصني؟ فقال: ودعني أَبُو نواس الشاعر، بالأيلة، فقلت له: أوصني؟ فقال: كنت بالأهواز، وكان بيني وبين أزهر السمان معرفة، وودعني لما أردت الخروج إِلَى البصرة، فقلت له: أوصني؟ فقال: يا أَبَا نواس، أوصيك بثلاث: طاعة اللَّه، وطاعة رسوله، والمحافظة على الصلوات فِي أوقاتها، واحذر ثلاثًا: خيانة الرفيق، وضجر الصديق، وقطاع الطريق.
1 / 385