مقدمة الطبعة الثانية
لولا كتاب «الأوامر العلائية» الذى ألّفه حسين بن محمد الرّغدى المعروف بابن البيبى باللغة الفارسية فى القرن السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى، لضاع تاريخ دولة من أهم الدولة الإسلامية، هى دولة «سلاجقة الروم»، التى مكّنت للحضارة الإسلامية من التوطن والاستقرار فى بلاد الروم (آسيا الصغرى)، والتى ظلت لقرون عديدة متطاولة- ومنذ أيام الصراع الذى قام بين الفرس والروم فى عهد الإمبراطوريتين الساسانية والروم الشرقية- موضع تنازل دائم لا تخضع لإحداهما فترة حتى تعود بعدها إلى الإمبراطورية الأخرى.
وحين سيطر السلاجقة على إيران فى النصف الأول من القرن الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى واصلوا التوسّع غربا حتى اصطدموا بالروم الشرقيين على مشارف تلك المنطقة وألحقوا بهم هزيمة منكرة وأسروا إمبراطورهم فى معركة فاصلة تعرف بموقعة «ملازگرد» (سنة ٤٦٣ هـ/ ١٠٧١ م) كانت بمثابة تمهيد لحسم هذا النزاع الطويل لصالح السلاجقة بصورة نهائية وقاطعة.
ولم يضيّع السلاجقة وقتا، وإنما تحركوا بسرعة لفرض الأمر الواقع؛ فأسسوا فى سنة ٤٧٠ هـ/ ١٠٧٨ م دولة فى آسيا الصغرى عرفت بسلاجقة الروم، ظلت تتوسع بالتدريج حتى شمل نفوذها بلاد الأرمن والقوقاز والروس.
واستمرت دولة سلاجقة الروم نحو قرنين ونصف انتشرت فيها مظاهر الحضارة الإسلامية، واستقرت فى تلك المنطقة حتى انتقل الدّور من هذه الدولة إلى دولة أخرى ناشئة فتيّة برز دورها المؤثر فى الأحداث الجارية فى المنطقة حين أخذ نجم دولة سلاجقة الروم فى الأفول، وظل يتوارى رويدا رويدا حتى غاب وراء الأفق البعيد.
المقدمة / 1