جميع ما بين يديه من الكتب فجعلوه في منديل دبيقي كان معهم، وما كلمونا بشيءِ ومضوا فرأيته قد وجم لذلك واغتاظ فسكنت منه وقلت له ليس ينبغي أن ينكر الأمير هذا فإنه يقال لهم إن الأمير ينظر في كثير لا ينبغي أن ينظر في مثلها، فأحبوا أن يمتحنوا، ذلك وقد سرني هذا ليروا كل جميل حسن، ومضت ساعات أو نحو ذلك ثم ردوا الكتب بحالها.
فقال لهم الراضي قولوا لمن أمركم بهذا قد رأيتم هذه الكتب وإنما هي حديث وفقه ولغة وأخبار وكتب العلماء، ومن كمله الله بالنظر في مثلها وينفعه بها، وليست من كتبكم التي تبالغون فيها مثل عجائب البحر، وحديث سندباد والسنور والفأر.
وخفت أن يؤدي الخادم قوله، فيقال: من كان عنده؟ فيذكرني فيلحقني من ذلك ما أكره إلى ما لي عندهم مما سأذكره والسبب فيه في موضعه من أخباره إن شاء الله فقمت إلى الخدم فسألتهم ألا يعيدوا قوله فقالوا: والله ما نحفظه فكيف نعيده! فكتب الراضي بيده إلى هارون بن الخال أن يقيم بمكانه ولا يتجاوز ذلك إلى ناحية الحضرة، ويعده أنه يأذن له في القدوم عليه في الوقت الذي يراه صلاحًا، فكتب جوابًا عن هذا الكتاب بأنه جاء محتاطًا مشفقًا من أشياءِ قد بلغته وأقلقته وأقبل حتى نزل النهروان
1 / 6