اخبار مکه مشرفه

الازرقی d. 249 AH
134

اخبار مکه مشرفه

أخبار مكة المشرفة

پژوهشگر

رشدي الصالح ملحس

ناشر

دار الأندلس للنشر

محل انتشار

بيروت

، وَيَسْتَظِلُّونَ فِيهَا مِنَ الشَّمْسِ، وَكَانَ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ قَدْ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَعَلَى الْأَحْمَرِ، وَهُمْ أَخْشَبَا مَكَّةَ، فَكَانَ يَرْمِيهِمْ بِهَا، فَتُصِيبُ الْحِجَارَةُ الْكَعْبَةَ حَتَّى تَخَرَّقَتْ كِسْوَتُهَا عَلَيْهَا، فَصَارَتْ كَأَنَّهَا جُيُوبُ النِّسَاءِ، فَوَهَنَ الرَّمْيُ بِالْمَنْجَنِيقِ الْكَعْبَةَ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ يُوقِدُ نَارًا فِي بَعْضِ تِلْكَ الْخِيَامِ مِمَّا يَلِي الصَّفَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمَئِذٍ ضَيِّقٌ صَغِيرٌ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ فِي الْخَيْمَةِ فَاحْتَرَقَتْ، وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رِيَاحٌ شَدِيدَةٌ، وَالْكَعْبَةُ يَوْمَئِذٍ مَبْنِيَّةٌ بِنَاءَ قُرَيْشٍ، مِدْمَاكٌ مِنْ سَاجٍ، وَمِدْمَاكٌ مِنْ حِجَارَةٍ، مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلَاهَا وَعَلَيْهَا الْكِسْوَةُ، فَطَارَتِ الرِّيَاحُ بِلَهَبِ تِلْكَ النَّارِ؛ فَاحْتَرَقَتْ كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ، وَاحْتَرَقَ السَّاجُ الَّذِي بَيْنَ الْبِنَاءِ، وَكَانَ احْتِرَاقُهَا يَوْمَ السَّبْتِ لِثَلَاثِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَجَاءَ نَعْيُهُ فِي هِلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَكَانَ تُوُفِّيَ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ وَاحْتَرَقَ الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ فَتَصَدَّعَ، كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْدُ رَبَطَهُ بِالْفِضَّةِ، فَضَعُفَتْ جِدَارَاتُ الْكَعْبَةِ، حَتَّى إِنَّهَا لَتَنْقَضُّ مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا، وَتَقَعُ الْحَمَامُ عَلَيْهَا فَتَتَنَاثَرُ حِجَارَتُهَا، وَهِيَ مُجَرَّدَةٌ مُتَوَهِّنَةٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الشَّامِ

1 / 203