اخبار مکه مشرفه
أخبار مكة المشرفة
پژوهشگر
رشدي الصالح ملحس
ناشر
دار الأندلس للنشر
محل انتشار
بيروت
يَعْتَمِلُونَ وَيَرْعَوْنَ لِأَهْلِ مَكَّةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ أَنَّهُ حُدِّثَ أَنَّ أَوَّلَ مَا رُؤِيَتِ الْحَصْبَةُ وَالْجُدَرِيُّ بِأَرْضِ الْعَرَبِ ذَلِكَ الْعَامَ، وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَا رُؤِيَ بِهَا مِنْ مَرَايِرِ الشَّجَرِ الْحَرْمَلِ وَالْحَنْظَلُ وَالْعُشْرُ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ " قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَا كَانَتْ بِمَكَّةَ حَمَامُ الْيَمَامِ، حَمَامُ مَكَّةَ الْحَرَمِيَّةِ ذَلِكَ الزَّمَانَ. يُقَالُ: إِنَّهَا مِنْ نَسْلِ الطَّيْرِ الَّتِي رَمَتْ أَصْحَابَ الْفِيلِ حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ مِنْ جُدَّةَ، وَلَمَّا هَلَكَ أَبْرَهَةُ مَلَكَ الْحَبَشَةَ ابْنُهُ يَكْسُومُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَبِهِ كَانَ يُكْنَى، ثُمَّ مَلَكَ بَعْدَ يَكْسُومَ أَخُوهُ مَسْرُوقُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَتْهُ الْفُرْسُ حِينَ جَاءَهُمْ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ، وَكَانَ آخِرَ مُلُوكِ الْحَبَشَةِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةً، فَجَمِيعُ مَا مَلَكُوا أَرْضَ الْيَمَنِ مِنْ حِينِ دَخَلُوهَا إِلَى أَنْ قُتِلُوا ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ مَكَّةَ الْحَبَشَةَ، وَأَصَابَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ النِّقْمَةِ، أَعْظَمَتِ الْعَرَبُ قُرَيْشًا، وَقَالُوا: أَهْلُ اللَّهِ، قَاتَلَ عَنْهُمْ، وَكَفَاهُمْ مُؤْنَةَ عَدُوِّهِمْ. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ الْأَشْعَارَ يَذْكُرُونَ فِيهَا مَا صَنَعَ اللَّهُ بِالْحَبَشَةِ، وَمَا دَفَعَ عَنْ قُرَيْشٍ مِنْ كَيْدِهِمْ، وَيَذْكُرُونَ الْأَشْرَمَ وَالْفِيلَ وَمَسَاقَهُ إِلَى الْحَرَمِ، وَمَا أَرَادَ مِنْ هَدْمِ الْبَيْتِ وَاسْتِحْلَالِ حُرْمَتِهِ "
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ⦗١٤٩⦘ زُرَارَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: «رَأَيْتُ قَائِدَ الْفِيلِ وَسَائِسَهُ بِمَكَّةَ أَعْمَيَيْنِ مُقْعَدَيْنِ يَسْتَطْعِمَانِ» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا قُتِلَتِ الْحَبَشُ، وَرَجَعَ الْمَلِكُ إِلَى حِمْيَرَ، سُرَّتْ بِذَلِكَ جَمِيعُ الْعَرَبِ؛ لِرُجُوعِ الْمُلْكِ فِيهَا وَهَلَاكِ الْحَبَشَةِ، فَخَرَجَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ جَمِيعُهَا لِتَهْنِئَةِ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ، فَخَرَجَ وَفْدُ قُرَيْشٍ، وَوَفْدُ ثَقِيفٍ، وَعَجُزُ هَوَازِنَ، وَهُمْ نَصْرٌ وَجُشَمُ وَسَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، وَمَعَهُمْ وَفْدُ عَدْوَانَ وَفَهْمٍ ابْنَيْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، فِيهِمْ مَسْعُودُ بْنُ مُعَتِّبٍ، وَوَفْدُ غَطَفَانَ، وَوَفْدُ تَمِيمٍ وَأَسَدٍ، وَوَفْدُ قَبَائِلِ قُضَاعَةَ وَالْأَزْدِ، فَأَجَازَهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ، وَفَضَّلَ قُرَيْشًا عَلَيْهِمْ فِي الْجَائِزَةِ؛ لِمَكَانِهِمْ فِي الْحَرَمِ، وَجِوَارِهِمْ بَيْتَ اللَّهِ تَعَالَى
1 / 148