71...حذر فتشوشت صفوفهم، واختلفت قلوبهم، فعمد عذيب قطبيطى، وكان من جماعة القمقمجي إلى طبنجة وثورها وسط المسجد فتيقن كل منهم أن الأمر حقيق، وعمدت الأغوات إلى دكتهم وأخرجوا منها السلاح، لأن هذه عادتهم فصارت مأوى لفجور بعد أن أسس بنايتها على التقوى والصلاح، وعمدوا إلى باب السلام وأغلقوه، وأرادوا غلق باب الرحمة فما استطاعوا غلقه لكثرة الزحام، لأن الناس وبالخصوص المكي وجماعته ومن هو قائم لهم بالأنتصار وكأهل القلعة والانقشارية والاسباهية حصل لهم ضيق عظيم وصاروا كالفار في الغار ووقع بكثرة الزحمة دوس عظيم بباب الرحمة، وامتلأ منه الطول والعرض، حتى صارت العتبة العليا منه أرض، ومات في ذلك المجال نحو ثلاثين من الرجال، ولما رأى أولئك ما دهمهم من هذا الأمر العظيم عمدوا إلى باب السلام وكسروا مغلقة بالحسام، ثم فتحوه وخرجوا بعد أن حلوا في ربعة النكال وولجوا، وحصل بسبب ذلك فرج عظيم على الناس، وزال عنهم ما كان دهمهم من الباس، ثم جاءوا أفواجا إثر أفواج ، ومسكوا المحكمة السلطانية، والمدرسة الكائنة برباط السلطان المطلتين عل المسجد الشريف، بعد أن علا أهل الحارة ومن كان على شقاقهم المنائر والمسجد، وصاروا يترامون هؤلاء من نفس المسجد وأولئك على المسجد، وقتل رأس الفتنة على ما يقال الجاوش على قللي وغيره، وطال بينهم الحرب، واستمر الطعن والضرب، واشتد على المسلمين الكرب، وصار المسجد مأوى للفسوق والعصيان، ومنع منه أهل الإيمان، فتجدد بما فعله فيه العنيد ذكر الفاسق اليزيد، ولما طال المطال، واشتد الحال، وتزايد أفعال الضلال أنشد الشيخ أحمد الجامي مرتجلا في الحال بلسان المقال متوسلا وشاكيا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى صحبه والآل:
إلى م رسول الله يشتد ذا الخطب وحتى م هذا الحال والطعن والضرب
وكم هتكوا ربع الأمان بطيبة يهدده فيها من لا يهدده الرعب
وما بال أهل العلم والشرف الأولى لهم درجات فوق غيرهم تربوا
بها لم يقم وزن لهم وخيامهم أشايرها مرفوعة ما لها نصب
وكيف بمرأى يا سيد الورى ومستمع في مسجد يشهر العضب...
صفحه ۷۱