فتنة جماعة القمقمجى وهو أصلها، والقمقمجى كان كتخذا أنوبجبتيان واسمه محمد حلبى بن مصطفى بن محمد أغا وهو أول من قدم المدينة من الروم في حدود سنة 1110 ه عشرة بعد المائة والألف ابن جعفر بيك بن مصطفى باشا أحد وزراء السلطان محمد خان، رحمهم وإيانا الرحمن وكانت ولادة الكتخذا المذكور سنة 1129ه تسع وعشرين بعد المائة والألف وتوفى في سنة (1)، وكان عمر حتى قارب المائة ورأى ولد ولد ولده، وكان كتخذا القلعة أبو صالح محمد ابن صالح، كان أبوه من عتقاء الحاج إسماعيل أفندى الفلبلى الرومي، كان جاوشا في وجاق الانقشارية ولما أنزله المدينة أحمد باشا ولاة كتخذا القلعة، ثم صار قائم مقام أغاتها بعد وفاة السيد عثمان أغا، وتوفى في سنة 1190 تسعين بعد المائة والألف وكان كتخذا الانقشارية محمد أمين ميكائيل وشيخ الحرم على أغا وسببها: أنه أشفق أن ليلة أربع وعشرين ومن جمادى الآخرة سنة 1187 سبع وثمانين بعد المائة والألف حصل بعض سرق في المدينة فاتفقوا النوبدتية أن يعسوا البلاد ليلا ويجعلوا كل ليلة على جماعة منهم، وكبيرهم جاوشا من جواويشهم ولما كانت ليلة الجاوش على قللى خرج بعس على عادتهم ومعه عمر الغسال وشرف قبانى وجماعة، وكان بينه وبين جاوش القلعة سعيد شقلبها بعض منافرة ولما وصل الجاوش على إلى باب القلعة في عسة وجد جماعة من أهل القلعة عند باب الصغير جلوسا، فدعوهم للجلوس عندهم للمحادثة وجلسوا إلى مقدار نصف الليل، فلما قام من عندهم متوجها إلى مكانة عارضه سلطان عبد مدينى سندى غارقا في الشراب ومعه جمع من الناس، وكان مغرورا من طرف القلعة أو من جماعته 59...والله أعلم بقتله، فوقعت بينهم وقعات هائلات تصوب فيها جمع من الطائفتين وقتل سلطان وسلم القللى وتجهوا إلى حارة الأغوات وأتموا ليلتهم، ولما أصبح الصباح اجتمعت النوبجبتية في الحارة واستحكموا الحكام في ذلك فأمر شيخ الحرم على أغا بأن يحبس محمد سعيد بن مصطفى كتخذا سابقا أوده باش وكان بيرقدارا في وجاقهم ويحبس معه جماعته فحبسوا، وبعد مضى نحو من أربعة أيام أفترقت النوبجبتية فرقتين.
منهم من قال: إنه ما يحبس ويخرج من حبسه، ومنهم من تشدد في حبسه، وسبب ذلك أن شيخ الحرم تشدد في عدم إطلاقة حتى يصل إليه جوابه من الشريف أحمد بن سعيد أمير مكة المشرفة، فتكاثر الآبون بحبسه وأطلقوه رغما على شيخ الحرم وجماعته، ولما خرج محمد سعيد تعصب هو ومن في حزبه في عزله الجاوش على قللى وقالوا: لا بد من عزله وإخراجه من الوجاق فأبى ذلك شيخ الحرم، فطال بينهم الحال، واشق الأمر فرأى شيخ الحرم الإصلاح في عزله فعزله، وعزل الجاوش أحمد خليل ونصب عوضهما شرف قباني عوضا عن القللى، وأحمد تركى عوضا عن أحمد خليل، فقالوا ما زيد هذين أيضا، فقالوا مازيد هذين أيضا، فقال شيخ الحرم والكتخذ محمد قمقمجي: ما نحن على رأيكم وأهوائكم فخرجوا عنهم نافرين، وتوجهوا إلى القلعة مستنصرين بهم ومستنجدين، وصاروا كل يوم مع جماعتهم في أمور عظيمة وأحوال جسيمة، فأرسل شيخ الحرم إلى الشريف أحمد يعرفه بهذا الأمر، فأتى بيورديا من طرف الشريف أحمد لعشر بقين من رجب، فاجتمعوا العساكر وحكام المدينة وجميع الأعيان في دكة الأربعين كما هو العادة وأتى كتخذا القلعة محمد فليلى بنحو أربعين مقاتلا تحزم ظهره، وحضر من جملتهم الشريف زين العابدين البركاتي ولما استكملوا جلوسهم في الدكة قام أحمد كتخذا كاتب شيخ الحرم وقرأ الكتاب عليهم وهم يسمعون، فكان مضمونه قد بلغنا ما فعل الفللى وعزل الجواويش فمن بعد الآن لا أحد يتعرض لوجاق غيره، وكل منكم حكمه لكتخذاه وأغاته وشيخه وأرسلوا الجماعة الذين حصل منهم هذا الفساد، فأبى أهل القلعة أن يطيعوه في ذلك، وكادت تقع المقاتلة بين الفريقين،...
صفحه ۵۹