وكان أكلا كله وشخّا ... تحت رواق البيت يغشى الدّخا
قال أبو القاسم: اجلخّ: اعوج، ولخّ يقول: التصقت عينه. وشخّا: يقول كثر غائطه، ويغشى الدخّ: يقول يغشى التنور فيقول: أطعموني.
اخبرنا ابن دريد قال اخبرنا السجستاني عن الأصمعي قال: قلت لبعض الأعراب: أيّ الأيام أقرّ؟ فقال: الأحص الورد والازب الهلوّف. قلت: فسره لي. فقال: الاحص الورد هو يوم تصفو شماله ويحمر جوّه وتطلع شمسه فلا ينفكّ من يرده لأنك لا تجد لها مساّ. والازّب الهلوّف يوم تهب فيه نكباؤه تسوق الجهام.
قال ابن دريد: أصل الحصص قلة الشعر، فكأنه لما لم يكن فيه غيم شبهه بالاحص الرس. والهلوّف الجمل الكثير الوبر، يقال: لحية هلّوفة إذا كانت كثيرة الشعر فشبهه بالغيم الذي فيه بهذا. والجهام: سحاب لا ماء فيه.
اخبرنا نفطويه قال اخبرنا ثعلب قال اخبرني ابن نجدة عن أبي زيد الأنصاري قال: تقول العرب لشهري البرد: شيبان وملحان لما يرى، فيهما من بياض الثلج والصقيع. واشتقاق شيبان من الشيب وملحان من الملح. ويقال هما شهرا قماح لان الماء فيهما متكرّه مهجور، أخذ من مقامحة. الإبل وذلك أن تورد الماء فلا تشرب، وترفع رؤوسها. قال بشر بن أبى خازم يصف سفينة كان هو وأصحابه فيها: الوافر
ونحن على جوانبها قعودٌ ... نغُضُّ الطرّفَ كالإبلِ القماح
ويزعم العلماء بالأنواء إن مدة هذين الشهرين من لدن سقوط الثريّا وطلوع الإكليل إلى سقوط الظرف وطلوع سعد بلع، وتلك خمسة أنواء. قال: وتسمى العرب ضّدي هذين الشهرين في الحر واشتداده أيام ناجر مأخوذة من النجر وهو شدة العطش. قال ذو الرّمة يصف ماء ورده: الطويل صرى آجن يزوي له المرء وجهه ولو ذاقه ظمآن في شهر ناجر
ممناّهها بالخمس والخمس بعده ... وبالحلّ والترحال أيام ناجر
أعاد القافية مرتين لأنه واطأ في شعره، والعرب تسمي هذا الإيطاء.
أنشدنا الصولي قال أنشدنا ابن المعتز لنفسه: الطويل
وليل يودَ المصطلون بناره ... لو أنهم حتى الصباح وقودها
رفعت به ناري لمن يبتغي القرى ... على شرف حتى أتتني وفودها
قال الصولي وأنشدني ثعلب قال أنشدني ابن الأعرابي: الرجز
ليلتك يا وقادّ ليل قرّ ... والريح مع ذلك فيها صرّ
أوقد يرى نارك من يمرّ ... أن جلبت ضيفا فأنت حرّ
أنشدنا أبو غانم المعنوي: المنسرح
يوم من الزمهرير مقرور ... عليه جيب السماء مزرور
وشمسه حرّة مخدّرة ... ليس لها من ضبابة نور
كأنما الجوّ حشوه إبر ... والأرض من تحته قوارير
أنشدنا الأخفش قال أنشدنا ثعلب لنويفع بن نفيع قال: الكامل
بانت لطيّتها الغداة جنوب ... وطربت انك ما علمت طروب
ولقد تجاورنا وتهجر بيتنا ... حتى تفارق أو يقال مريب
وزيارة البيت الذي لا يبتغي ... فيه سواء حديثهن معيب
ولقد يميل بي الشباب إلى الصبا ... حيننا فيحكم رأيي التجريب
ولقد توسدني الفتاة يمينها ... وشمالها البهانة الرعبوب
نفج الحقيبة لا ترى لكعوبها ... حدا وليس لساقها ظنبوب
عظمت روادفها وأكمل خلقها ... والوالدان نجيبة ونجيب
لما أحل الشيب بي أثقاله ... وعلمت أن شبابي المسلوب
قالت: كبرت وكل صاحب لذة ... ليلى يعود وذلك التنبيب
هل لي من الكبر المبير طبيب ... فأعود غرا والشباب عجيب
ذهبت لداتي والشباب فليس لي ... فيمن ترين من الأنام ضريب
وإذا السنون دأبن في طلب الفتى ... لحق السنون وأدرك المطلوب
فأذهب إليك فليس يعلم عالم ... من أين يجمع حظه المكتوب
يسعى الفتى لينال أفضل سعيه ... هيهات ذاك ودون ذاك خطوب
يسعى ويأمل والمنية خلفه ... توفي الأكام لها عليه رقيب
لا موت محتقر الصغير فعادل ... عنه ولا كبر الكبير مهيب
1 / 45