في البحر، وتوزيع بعض قطعه على البلدان المجاورة للمغرب مثل الجزائر وطرابلس، والباقي أنزل منه المدافع وغيرها من آلات البحر، وأعرض عن أمر البحر رأسًا، بعد أن كان الأسطول المغربي أكثر وأحسن من أساطيل الجزائر وتونس، وكل ذلك كان بسبب الضغط الذي كانت تمارسه بعض الدول الغربية بعد ظهور المدنيّة فيها ١.
وممّا يكشف عن المؤامرة المدبّرة ضدّ الأسطول المغربي بالخصوص مأساة هذا الأسطول أيام السلطان المولى عبد الرحمن خلف المولى سليمان.
فقد تجاهل السلطان عبد الرحمن المؤامرة المبيتة، وأصدر قراره عام (١٢٤٣هـ/ ١٨٢٧م) بإنشاء بعض المراكب البحرية لتضمّ لما كان قد بقي من عهد جدّه السلطان محمد بن عبد الله، وأذن لرؤساء البحر بالعدوتين في الخروج فيها، فخرج بعضهم ٢، وغنموا بعض مراكب "النمسا" لما لم يكن معها رخصة العبور.
ونتيجة لذلك تعرضت احدى موانىء المغرب لهجوم قطعة من الأسطول النمساوي، حيث ضرب عام (١٢٤٥هـ/ ١٨٢٩م) مرسى العرائش، وأنزل جنوده للبرّ لتحرق أسطول هذه المرسى، وعلى الرغم من صدّ المغاربة لهذا الهجوم بقوة، وطردهم للمهاجم، فقد تدخلت انجلترا مع المغرب حتى انتهى الأمر بما طالما تمنته هذه الدولة وأصدقاؤها من جعل حدّ لنشاط الأسطول المغربي ٣.
قال السلاوي- تعليقًا على هذه الواقعة-: (واعلم أن هذه الواقعة هي التي كانت سببًا في اعراض السلطان المولى عبد الرحمن عن الغزو في البحر، والاعتناء بشأنه .... فظهر له التوقف عن أمر البحر رعيًا للمصلحة الوقتيّة، ولقلّة المنفعة
_________
١ - أنظر: نفس المصدر السابق: ١/ ١٠ - ١١.
٢ - قال السلاوي: (فخرج الرئيسان الحاج عبد الرحمن باركاش، والحاج عبد الرحمن بريطل). (الاستقصا: ٩/ ٢٥).
٣ - أنظر: المنوني- مظاهر يقظة المغرب الحديث:١/ ١٣.
1 / 24