فقد روى عن أبي خليل صال الدركلي، وقد عاش في النصف الأول من القرن الثالث الهجري (¬1) ، أنه قال لتلاميذه :» إيتوا المجالس يا كسالى «، فقد حضرها من حضرها ما بينه وبين قابس، وما بينه وبين فزان، حتى وقع عليه السراق فجرحوه سبعة عشر جرحا فدخل في مغارة فمكث فيها أربعين يوما ما أكل ولا شرب إلا ما رأى في منامه أنه أطعم وأسقي، فخرج وقد نضر بدنه نضرة لم يرها قط » فظنوا أنه ذلك الرجل «. (¬2)
ويظهر من هذا النص أنه كانت للإباضية مناطق عامرة بحلقات الدرس ومجالس العلم ما بين جبل نفوسة وقابس وما بين جبل نفوسة وفزان.
ويذكر الشيخ مقرن بن محمد البغطوري إجتماع مواكب الحج من إباضية المغرب بعد منصرفهم من الحج، قال :» فكانوا يجتمعون أماسن ؛ أهل أفريقية وأهل جربة وأهل طرابلس، وقد بلغنا أنهم يجتمعون في نحو ألف أو أقل أو أكثر لا يكون المجلس بينهم إلا بالترجمان، فكانوا يجتمعون في الصحراء ما بينهم وبين فزان .. « (¬3) وهذا بعد انقطاع الأمر من تاهرت (¬4) . وكذلك فإن صلة ثقافية علمية متينة كانت تربط بين فزان ومناطق الإباضية الأخرى. فهذا أبو مرداس عندما يذكر أمر الولاية يقول: » لا أعرف إلى هذا الإمام ؛ يعني عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، ووزيره، وهذا الفزاني ، ولم أره وأنما أعرفه بكتابه ؛ يعني عبد الخالق « (¬5) .
صفحه ۸