بعض الإشارات في هذه الأجوبة تشير إلى ضعف أمر الدولة الإباضية وضعف أهلها والقائمين عليها في الشرق والغرب (¬1) ، وتذكر في موضع آخر » إن المسلمين اليوم في كتمان « (¬2) والكتمان إصطلاح يعني عدم قيام الإمامة الظاهرة. وفي هذا إشارة واضحة إلى تقلص نفوذ الإمامة عن هذه المناطق مما يرجح أنها تشير إلى ما بعد وقعة » مانو « التي تضعضع بعدها بنيان الدولة الرسمية سنة 280 ه ...
وينبغي أن ننبه هنا إلى أن سقوط الإمامة لا يعني إنهيار المجتمعات الإباضية معها، ولكن هذه المجتمعات ضلت متماسكة تربطها صلات وثيقة تعمل من خلالها على المحافظة على كيانها الديني والعلمي والإجتماعي وإن لم تتمكن من إقامة الإمامة بعد سقوط الدولة الرستمية - إلا أن مناطق كثيرة بسبب شحوطها عن مراكز النفوذ لدول السواحل الإفريقية في الشمال - كانت تتمتع بواقع سياسي فريد، تختار فيه من أهل الحل والعقد فيها من يقوم بإنفاذ الأحكام في نطاق محدود -وقد كان هذا هو الحال في جبل نفوسة (¬3) ، ولعل دور وريون بن الحسن في مناطق فزان - وعليه مدار أكثر هذه الأجوبة - لعل دوره كان من هذا اللون. فقد وصفه الشماخي بأنه من القائمين بالأمر في فزان (¬4) وهذه هو أقرب ما يمكن أن ينتهي إليه الدارس في تحديد المرحلة الزمنية لهذه الأجوبة.
وترد في كتب السير الإباضية إشارات تفيد وجود صلاة وثيقة بين جبل نفوسة وبين فزان مما يدل على إرتباط فزان ودواخلها ببقية الجماعات الإباضية في الجبل وغيره.
صفحه ۷