145

أجنحة المكر الثلاثة

أجنحة المكر الثلاثة

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الثامنة

سال انتشار

١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م

محل انتشار

دمشق

ژانرها

بحوثنا عن الإسلام، ومن الواجب أن لا نخوض في هذا الميدان، لأنكم - أنتم المسلمين العرب - أقدر منا على الخوض في هذه الأبحاث، وربما قال هذه مجاملة أو اعتقادًا منه بصحته. وفي مانشستر (انكلترا) اجتمعت بالبروفسور "روبسون" وكان يقابل سنن أبي داود على نسخة مخطوطة، وله كتابات في تاريخ الحديث، يتفق فيها غالبًا مع آراء المستشرقين المتحاملين، وقد حرصت على أن أبين له أن الدراسات الاستشراقية السابقة فيها تحامل وبعد عن الحقيقة، وتعرضت لآراء جولدتسيهر، وأثبت له أخطاءه التاريخية والعلمية، فكان مما أجاب به عنه: "لا شك أن المستشرقين في هذا العصر أكثر اطلاعًا على المصادر الإسلامية من جولدتسيهر نظرًا لما طبع ونشر وعرف من مؤلفات إسلامية كانت غير معلومة في عصر جولدتسيهر". فقلت له: أرجو أن تكون أبحاثكم - المستشرقين - في هذا العصر أقرب إلى الحق والإنصاف من جولدتسيهر، ومرجليوث، وأمثالها. فقال: أرجو ذلك. سوفي جامعة "ليدن" بهولندا اجتمعت بالمستشرق الألماني اليهودي "شاخت" وهو الذي يحمل في عصرنا هذا رسالة "جولدتسيهر" في الدس على الإسلام، والكيد له، وتشويه حقائقه، وباحثته طويلًا في أخطاء "جولدتسيهر" وتعمده تحريف النصوص التي ينقلها عن كتبنا، فأنكر ذلك أول الأمر، فضربت له مثلًا واحدًا مما كتبه جولدتسيهر - وكنا نجلس في مكتبته الخاصة _فقال: معك الحق، إن جولدتسيهر أخطأ هنا. قلت له: هل هو مجرد خطأ؟ فاحتد وقال: لماذا تسيؤون الظن به؟ فانتقلت إلى بحث تحليله لموقف الزهري من عبد الملك ابن مروان، وذكرت له من الحقائق التاريخية ما ينفي ما زعمه جولدتسيهر وبعد مناقشة في هذا الموضوع قال: وهذا خطأ أيضًا من جولدتسيهر، ألا يخطئ العلماء؟ قلت له: إن جولد تسيهر هو مؤسس المدرسة الاستشراقية التي تبني حكمها في التشريع الإسلامي على وقائع التاريخ نفسه، فلماذا لم يستعمل مبدأه هنا حين تكلم عن الزهري؟ وكيف جاز له أن يحكم على الزهري بأنه

1 / 158