الأحرف السَّبْعَة لأبي عَمْرو الداني
١ - حَدثنَا فَارس بن مُحَمَّد بن خلف الْمَالِكِي قَالَ نَا عبد الله بن أبي هَاشم قَالَ نَا عِيسَى بن مِسْكين قَالَ نَا سَحْنُون بن سعيد قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم قَالَ نَا مَالك بن أنس قَالَ نَا ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي قَالَ سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول سَمِعت هِشَام بن حَكِيم يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان على غير مَا أقرؤها عَلَيْهِ وَكَانَ رَسُول الله ﷺ أَقْرَأَنيهَا فكدت أَن أعجل عَلَيْهِ ثمَّ أمهلته حَتَّى انْصَرف ثمَّ لببته بردائه فَجئْت بِهِ رَسُول الله ﷺ فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي سَمِعت هَذَا يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان على غير مَا أقراتنيها فَقَالَ لَهُ رَسُول الله ﷺ اقْرَأ فَقَرَأَ الْقِرَاءَة الَّتِي سمعته يقْرَأ فَقَالَ رَسُول الله ﷺ هَكَذَا أنزلت ثمَّ قَالَ لي اقْرَأ فَقَرَأت فَقَالَ هَكَذَا أنزلت إِن هَذَا الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ
1 / 11
٢ - حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمُقْرِئ قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا عبد الله بن صَالح عَن اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله عَن
1 / 12
ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي ﷺ قَالَ أَقْرَأَنِي جِبْرِيل على حرف فراجعته فَلم أزل أستزيده حَتَّى انْتهى إِلَى سَبْعَة أحرف
1 / 13
٣ - حَدثنَا فَارس بن أَحْمد بن مُوسَى الْمُقْرِئ قَالَ نَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن الْحُسَيْن القَاضِي قَالَ نَا يُوسُف بن مُوسَى قَالَ نَا أَبُو معمر عبد الله بن عَمْرو قَالَ نَا عبد الْوَارِث قَالَ نَا مُحَمَّد بن جحادة عَن الحكم بن عتيبة عَن مُجَاهِد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبي بن كَعْب قَالَ أَتَى جِبْرِيل النَّبِي ﷺ فَقَالَ إِن الله يَأْمُرك أَن تقرئ أمتك على سَبْعَة أحرف فَمن قَرَأَ مِنْهَا حرفا فَهُوَ كَمَا قَرَأَ
1 / 14
٤ - حَدثنَا فَارس بن أَحْمد قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن حَرْب قَالَ نَا يُوسُف بن مُوسَى الْقطَّان قَالَ نَا عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن أبي إِسْحَاق عَن سقير الْعَبْدي عَن سُلَيْمَان بن صرد عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ يَا أبي بن كَعْب إِن ملكَيْنِ أتياني فَقَالَ أَحدهمَا اقْرَأ الْقُرْآن على سِتَّة أحرف فَقَالَ الآخر زده فَقلت زِدْنِي فَقَالَ اقْرَأ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف
1 / 15
٥ - حَدثنَا خلف بن حمدَان بن خاقَان قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا أَبُو عبيد نَا عبد الله بن صَالح عَن اللَّيْث عَن يزِيد بن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن بسر بن سعيد عَن أبي قيس مولى
1 / 16
عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رجلا قَرَأَ آيَة من الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن الْعَاصِ إِنَّمَا هِيَ كَذَا وَكَذَا لغير مَا قَرَأَ الرجل فَقَالَ الرجل هَكَذَا أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله ﷺ فَخَرَجَا إِلَى رَسُول الله ﷺ حَتَّى أَتَيَاهُ فذكرا ذَلِك لَهُ فَقَالَ رَسُول الله ﷺ إِن هَذَا الْقُرْآن نزل على سَبْعَة أحرف بِأَيّ ذَلِك قَرَأْتُمْ أصبْتُم فَلَا تماروا فِي الْقُرْآن فَإِن مراء فِيهِ كفر
1 / 17
٦ - حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا أَبُو النَّصْر عَن شَيبَان عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن زر بن حُبَيْش عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَن النَّبِي ﷺ قَالَ لقِيت جِبْرِيل عِنْد أَحْجَار المراء فَقلت يَا جِبْرِيل إِنِّي أرْسلت إِلَى أمة أُميَّة الرجل وَالْمَرْأَة والغلام وَالْجَارِيَة وَالشَّيْخ الفاني الَّذِي لم يقْرَأ كتابا قطّ قَالَ إِن الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف
1 / 18
٧ - حَدثنَا خلف بن أَحْمد بن هَاشم قَالَ حَدثنَا زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى بن حميد قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى بن سَلام قَالَ نَا أبي قَالَ حَدثنَا الْحسن بن دِينَار وَحَمَّاد بن سَلمَة عَن عَليّ بن زيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ أَتَانِي جِبْرِيل وَمِيكَائِيل فَقعدَ جِبْرِيل عَن يَمِيني وَمِيكَائِيل عَن يساري فَقَالَ جِبْرِيل بِسم الله فِي حَدِيث الْحسن وَفِي حَدِيث حَمَّاد يَا مُحَمَّد اقْرَأ الْقُرْآن على حرف فَنَظَرت إِلَى مِيكَائِيل فَقَالَ استزده فَقلت زِدْنِي فَقَالَ بِسم الله اقرأه على حرفين ثَلَاثَة أحرف فَنَظَرت إِلَى مِيكَائِيل فَقَالَ استزده فَقلت زِدْنِي قَالَ بِسم الله اقرأه على خَمْسَة أحرف فَنَظَرت إِلَى مِيكَائِيل فَقَالَ استزده فَقلت زِدْنِي قَالَ بِسم الله اقرأه على سِتَّة
1 / 19
أحرف فَنَظَرت إِلَى مِيكَائِيل فَقَالَ استزده قلت زِدْنِي قَالَ بِسم الله اقرأه على سَبْعَة أحرف وَفِي حَدِيث الْحسن بن دِينَار فَنَظَرت إِلَى مِيكَائِيل فَسكت فَعلمت أَنه قد انْتهى الْعدة فَقَالَ جِبْرِيل اقرأه على سَبْعَة أحرف كُلهنَّ شاف كَاف لَا يَضرك كَيفَ قَرَأت مَا لم تختم رَحْمَة بِعَذَاب أَو عذَابا برحمة فِي حَدِيث الْحسن وَفِي حَدِيث حَمَّاد مَا لم تختم آيَة رَحْمَة بِعَذَاب أَو آيَة عَذَاب بمغفرة
1 / 20
٨ - حَدثنَا أَبُو الْفَتْح شَيخنَا قَالَ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عَليّ بن حَرْب قَالَ حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى قَالَ حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة وسمعته مِنْهُ قَالَ ثَنَا عَليّ بن زيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة عَن أَبِيه أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي ﷺ فَقَالَ اقْرَأ الْقُرْآن على حرف فَقَالَ مِيكَائِيل استزده فَقَالَ اقْرَأ على حرفين فَقَالَ مِيكَائِيل استزده حَتَّى بلغ سَبْعَة أحرف كل شاف وكاف مَا لم تختم آيَة عَذَاب بِآيَة رَحْمَة وَآيَة رَحْمَة بِآيَة عَذَاب وَهُوَ قَوْلك هَلُمَّ وتعال وَأَقْبل وأسرع واذهب واعجل
1 / 21
٩ - حَدثنَا خلف بن أَحْمد قَالَ نَا زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن سَلام قَالَ حَدثنَا أبي عَن يزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف كَقَوْلِك هَلُمَّ أقبل تعال
١٠ - حَدثنَا الخاقاني خلف بن حمدَان قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عَليّ قَالَ حَدثنَا أَبُو عبيد قَالَ حَدثنَا عبد الله بن صَالح عَن اللَّيْث
1 / 22
عَن عقيل قَالَ قَالَ لي ابْن شهَاب فِي الأحرف السَّبْعَة هِيَ فِي الْأَمر الْوَاحِد الَّذِي لَا اخْتِلَاف فِيهِ
١١ - قَالَ أَبُو عَمْرو فِيمَا ذَكرْنَاهُ من طرق هَذَا الْخَبَر الْمُجْتَمع على
1 / 23
صِحَّته كِفَايَة ومقنع فَأَما مَعْنَاهُ وَوَجهه فَإِنِّي تدبرته وأنعمت النّظر فِيهِ بعد وُقُوفِي على أقاويل الْمُتَقَدِّمين من السّلف والمتأخرين من الْخلف فَوَجَدته مُتَعَلقا بِخَمْسَة أسولة هِيَ مُحِيطَة بِجَمِيعِ مَعَانِيه وكل وجوهه
فأولها أَن يُقَال مَا معنى الأحرف الَّتِي أرادها النَّبِي ﷺ هَهُنَا وَكَيف تَأْوِيلهَا
وَالثَّانِي أَن يُقَال مَا وَجه إِنْزَال الْقُرْآن على هَذِه السَّبْعَة أحرف وَمَا المُرَاد بذلك
وَالثَّالِث أَن يُقَال فِي أَي شَيْء يكون اخْتِلَاف هَذِه السَّبْعَة أحرف
وَالرَّابِع أَن يُقَال على كم معنى يشْتَمل اخْتِلَاف هَذِه السَّبْعَة أحرف
وَالْخَامِس أَن يُقَال هَل هَذِه السَّبْعَة أحرف كلهَا مُتَفَرِّقَة فِي الْقُرْآن مَوْجُودَة فِيهِ فِي ختمة وَاحِدَة حَتَّى إِذا قَرَأَ الْقَارئ الْقُرْآن بِأَيّ حرف من حُرُوف أَئِمَّة الْقِرَاءَة بالأمصار الْمُجْتَمع على إمامتهم أَو بِأَيّ رِوَايَة من
1 / 25
رواياتهم فقد قَرَأَ بهَا كلهَا أم لَيست كلهَا مُتَفَرِّقَة وموجودة فِي ختمة وَاحِدَة بل بَعْضهَا حَتَّى إِذا قَرَأَ الْقَارئ الْقُرْآن بِقِرَاءَة من الْقرَاءَات أَو بِرِوَايَة من الرِّوَايَات فقد قَرَأَ بِبَعْضِهَا لَا بكلها وَأَنا مُبين ذَلِك كُله ومجيب عَنهُ وَجها وَجها إِن شَاءَ الله تَعَالَى
1 / 26
معنى الأحرف السَّبْعَة
١٢ - فَأَما معنى الأحرف الَّتِي أرادها النَّبِي ﷺ هَهُنَا فَإِنَّهُ يتَوَجَّه إِلَى وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن يكون يَعْنِي بِذكر أَن الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة [أحرف سَبْعَة] أوجه من اللُّغَات لِأَن الأحرف جمع حرف فِي الْجمع الْقَلِيل مثل فلس وأفلس وَرَأس وأرؤس والحرف قد يُرَاد بِهِ الْوَجْه بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف فَإِن أَصَابَهُ خير اطْمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَته فتْنَة انْقَلب على وَجهه﴾ الْآيَة فَالْمُرَاد بالحرف هَهُنَا الْوَجْه الَّذِي تقع عَلَيْهِ الْعِبَادَة
١٣ - يَقُول جلّ ثَنَاؤُهُ وَمن النَّاس من يعبد الله على النِّعْمَة تصيبه وَالْخَيْر يَنَالهُ من تثمير المَال وعافية الْبدن وَإِعْطَاء السُّؤَال ويطمئن إِلَى ذَلِك مَا دَامَت لَهُ هَذِه الْأُمُور واستقامت لَهُ هَذِه الْأَحْوَال فَإِن تَغَيَّرت حَاله وامتحنه الله تَعَالَى بالشدة فِي عيشه والضر فِي بدنه والفقر فِي مَاله ترك عبَادَة ربه وَكفر بِهِ فَهَذَا عبد الله ﷾ على وَجه وَاحِد وَمذهب وَاحِد وَذَلِكَ معنى الْحَرْف
1 / 27
١٤ - وَلَو عَبده ﵎ على الشُّكْر للنعمة وَالصَّبْر عِنْد الْمُصِيبَة والرضى بِالْقضَاءِ عِنْد السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والشدة والرخاء والفقر والغنى والعافية وَالْبَلَاء إِذْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَهلا أَن يتعبد على كل حَال لم يكن عَبده تَعَالَى على حرف
١٥ - فَلهَذَا سمي النَّبِي ﷺ هَذِه الْأَوْجه الْمُخْتَلفَة من الْقرَاءَات والمتغايرة من اللُّغَات أحرفا على معنى أَن كل شَيْء مِنْهَا وَجه على حِدته غير الْوَجْه الآخر كنحو قَوْله ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف﴾ أَي على وَجه إِن تغير عَلَيْهِ تغير عَن عِبَادَته وطاعته على مَا بَيناهُ
١٦ - وَالْوَجْه الثَّانِي من معنى الأحرف أَن يكون ﷺ سمى الْقرَاءَات أحرفا على طَرِيق السعَة كنحو مَا جرت علية عَادَة الْعَرَب فِي تسميتهم الشَّيْء باسم مَا هُوَ مِنْهُ وَمَا قاربه وجاوره وَكَانَ كسبب مِنْهُ وَتعلق بِهِ ضربا من التَّعَلُّق وتسميتهم الْجُمْلَة باسم الْبَعْض مِنْهَا فَلذَلِك سمي النَّبِي ﷺ الْقِرَاءَة حرفا وَأَن كَانَ كلَاما كثيرا من أجل أَن مِنْهَا حرفا قد غير نظمه أَو كسر أَو قلب إِلَى غَيره أَو أميل أَو زيد أَو نقص مِنْهُ على مَا جَاءَ فِي الْمُخْتَلف فِيهِ من الْقِرَاءَة فَلَمَّا كَانَ ذَلِك نسب ﷺ الْقِرَاءَة والكلمة التَّامَّة إِلَى ذَلِك الْحَرْف المغير الْمُخْتَلف اللَّفْظ من الْقِرَاءَة فَسُمي الْقِرَاءَة إِذْ كَانَ ذَلِك الْحَرْف مِنْهَا حرفا على عَادَة الْعَرَب فِي ذَلِك واعتمادا على اسْتِعْمَالهَا نَحوه أَلا ترى أَنهم قد يسمون القصيدة قافية إِذْ كَانَت القافية مِنْهَا كَمَا قَالَ ... وقافية مثل حد السنان ... تبقى وَيهْلك من قَالَهَا ...
1 / 28
يَعْنِي وقصيدة فسماها على طَرِيق الاتساع
١٧ - وَكَذَا يسمون الرسَالَة على نظامها وَالْخطْبَة بكمالها وَالْقَصِيدَة كلهَا والقصة بأسرها كلمة إِذْ كَانَت الْكَلِمَة مِنْهَا فَيَقُولُونَ قَالَ قس فِي كَلمته كَذَا يعنون خطبَته وَقَالَ زُهَيْر فِي كَلمته كَذَا يُرِيدُونَ قصيدته وَقَالَ فلَان فِي كَلمته كَذَا أَي فِي رسَالَته
١٨ - قَالَ الله ﵎ ﴿وتمت كلمة رَبك الْحسنى على بني إِسْرَائِيل بِمَا صَبَرُوا﴾ فَقَالَ إِنَّمَا يَعْنِي بِالْكَلِمَةِ هَهُنَا قَوْله فِي سُورَة الْقَصَص ﴿ونريد أَن نمن على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض ونجعلهم أَئِمَّة ونجعلهم الْوَارِثين ونمكن لَهُم فِي الأَرْض ونري فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون﴾ فَسُمي مَا فِي الْآيَتَيْنِ [من] منَّة على بني إِسْرَائِيل وجعلهم أَئِمَّة ووارث الأَرْض وتمكينه إيَّاهُم إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تضمنتا كلمة
١٩ - وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وألزمهم كلمة التَّقْوَى﴾ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَسُمي هَذِه الْجُمْلَة كلمة إِذْ كَانَت الْكَلِمَة مِنْهَا فَكَذَا
1 / 29
سمى رسل الله ﷺ الْقرَاءَات أحرفا إِذْ كَانَت الأحرف الْمُخْتَلف فِيهَا مِنْهَا فخاطب ﷺ من بالحضرة وَسَائِر الْعَرَب فِي هَذَا الْخَبَر من تَسْمِيَة الْقِرَاءَة حرفا لما يستعملون فِي لغتهم وَمَا جرت عَلَيْهِ عَادَتهم فِي منطقهم كَمَا بَيناهُ فَدلَّ على صِحَة مَا قُلْنَاهُ
1 / 30
حِكْمَة إِنْزَال الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف
٢٠ - وَأما وحه إِنْزَال الْقُرْآن هَذِه السَّبْعَة أحرف وَمَا الَّذِي أَرَادَ تبَارك اسْمه بذلك فَإِنَّهُ إِنَّمَا أنزل علينا توسعة من الله تَعَالَى على عباده وَرَحْمَة لَهُم وتخفيفا عَنْهُم عِنْد سُؤال النَّبِي ﷺ إِيَّاه لَهُم ومراجعته لَهُ فِيهِ لعلمه ﷺ بِمَا هم عَلَيْهِ من اخْتِلَاف اللُّغَات واستصعاب مُفَارقَة كل فريق مِنْهُم الطَّبْع وَالْعَادَة فِي الْكَلَام إِلَى غَيره فَخفف تَعَالَى عَنْهُم وَسَهل عَلَيْهِم بِأَن أقرهم على مألوف طبعهم وعادتهم فِي كَلَامهم
٢١ - وَالدَّلِيل على ذَلِك الْخَبَر الَّذِي قدمْنَاهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي ﷺ أَن الله تَعَالَى أمره أَن يقْرَأ الْقُرْآن على حرف فَقَالَ رب خفف عَن أمتِي فَأمره أَن يقْرَأ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف
٢٢ - وَكَذَا حَدِيث حُذَيْفَة عَنهُ ﷺ حِين لَقِي جبرئيل ﵇ فَقَالَ لَهُ إِنِّي أرْسلت إِلَى أمة أُميَّة إِلَى آخِره فَقَالَ إِن الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف
٢٣ - وَكَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الحكم بن عتيبة عَن مُجَاهِد عَن ابْن
1 / 31