فأدركت أنه يشير إلى الأمر الذي ترتعد فرائصها من ذكره، ولكنها تجلدت وسكتت فحول الأسقف كلامه إلى الرئيسة وقال: «كيف حال الدير وراهباته. أرجو أن يكن في راحة.»
قالت: «هن في خير ببركة السيد المسيح ودعائكم.»
قال: «يظهر أن هذا الوالي التركي أرفق بالأقباط من أسلافه العرب.»
قالت: «نعم يا سيدي، فإنه منذ تولى أمر مصر في شاغل عنا بشئون دولته، فلا ندري أخيرا يريد بنا؟ أم يريد بنا شرا؟»
قال: «أظنه يفعل ذلك عن رفق وحسن رأي - أدام الله هذه النعمة علينا.»
فقالت الرئيسة: «آمين.»
وفيما هم في ذلك أتت إحدى الراهبات تقول: «إن المعلم مرقس يلتمس الدخول.» فقالت الرئيسة: «يدخل.»
ولم تمض هنيهة حتى أقبل المعلم مرقس، فأكب أولا على يد الأسقف فقبلها وسلم على الرئيسة، وأقبل إلى دميانة يسألها عن حالها، فقالت: «غمرتني الرئيسة بفضلها ولطفها، فأنا شاكرة فرحة.»
فجلس مرقس وأخذ يكرر تحية الأسقف ويطلب دعاءه. ودارت الأحاديث بينهم عن الأحوال الجارية، وذكروا الاحتفال بعيد الشهيد بالأمس، فأطرى مرقس روعته وما يرجونه من البركة في ماء النيل على أثر إلقاء إصبع الشهيد فيه.
ثم نهض الأسقف وخلا إلى مرقس في غرفة وأقفلا بابها، فأوجست دميانة في نفسها خيفة وتشاءمت من هذا الاجتماع.
صفحه نامشخص