احمد عرابی زعیم مفتری علیه
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
ژانرها
وقد فرح النواب، وفرح الناس جميعا من وطنيين وعسكريين لصدور اللائحة أو الدستور، وأخذت مصر تستقبل عهدا دستوريا كان يعد بداية طيبة جدا للديمقراطية في مصر، بل وفي الشرق كله ...
ويتجلى فرح مصر في تلك الحفلات التي أقيمت غداة صدور الدستور، ومنها حفلة جمعية المقاصد الخيرية، وكانت بالغة الروعة والجلال. وقد شهدها البارودي، وعرابي، وجمهور كبير من العلماء والأعيان، ورجال الجيش، وتبارى الخطباء وفي مقدمتهم السيد عبد الله نديم في بيان مزايا الدستور وإعلان ابتهاج النفوس به، والشيخ محمد عبده الذي دعا إلى نشر التعليم ليقوم الدستور على أساس سليم قوي.
ومن تلك الحفلات حفلتا نائبي البحيرة الشيخ أحمد محمود وإبراهيم أفندي الوكيل، ثم حفلة أحمد بك أباظة وحفلة أحمد بك يكن وغيرهم، وتدل هذه الحفلات دلالة بينه على أن روح الحرية والدستور كانت متغلغلة في نفوس مثقفي الأمة، وأن البلاد كانت تنهض فيها حركة قومية حرة لو أنها حدثت في بلد غير مصر لم يرزأ بالاحتلال لكان لها في سجل الحركات القومية العالمية شأن جليل، وما يضيرنا اليوم ما فعل الاحتلال بتاريخنا القومي، وقد خطونا خطوات لن يكون بعدها نكوص ...
رأينا الحل الذي عالجت به وزارة البارودي مشكلة الميزانية، ذلك الحل الذي من أجله حقت عليها لعنة الدولتين، وحق عليها عقابهما، مع أنه لا يمكن أن يكون هناك تساهل في مثل هذا الأمر وفي مثل هاتيك الظروف أكثر من هذا التساهل الذي جرت عليه الوزارة ...
هؤلاء نواب شعب يجتمعون باسمه للنظر في صالحه، فكيف يتسنى لهم ذلك إن لم يكونوا قوامين على ماليته وهي أساس كل شيء ودعامة كل إصلاح؟ وكيف يكون الحكم قائما على أساس ديمقراطي إذا حيل بين نواب الأمة وبين النظر في الأموال التي تجبى من أفرادها؟
وإذا كانت لمصر ظروف خاصة ناشئة من ديونها التي لم يكن لأهلها يد فيها، فأي شيء كان يطمع فيه من نوابها أكثر من أن يتركوا ما يتعلق بالدين دون تدخل فيه؟
ولكن الدولتين كانتا تحاربان المجلس فحسب مهما بلغ من اعتداله وحكمته، كانتا تحاربانه فتحاربان فيه الوطنية المصرية؛ لأنها إن ازدادت قوة ضاعت الفرصة وخرجت مصر سالمة مما كان يدبر لها. انظر إلى الاحتجاج الذي كتبه المراقبان الأجنبيان في 12 يناير سنة 1882 عندما علما بنية النواب في وزارة شريف قالا:
2 «يظهر أن مجلس شورى النواب يتهيأ لأن يطلب حق تقرير الميزانية، ولهذا نرى من واجبنا أن نقول: إن إعطاء النواب هذا الحق ولو اقتصر على الإدارات والمصالح التي تخصص إيراداتها للدين يفسد الضمانات المعطاة للدائنين؛ لأنه سيكون من نتائجه الضرورية أن تنتقل إدارة البلاد من يد مجلس النظار إلى يد مجلس النواب.»
ولا تسل عن مبلغ غضب هؤلاء الطامعين الكائدين لمصر على وزارة البارودي حينما حلت المشكلة على النحو المتواضع الذي بيناه، فلقد انطلقت ألسنة الساسة منهم مع ألسن السفهاء من مراسلي الصحف بكل فاحشة وجارحة في الوزارة والنواب جميعا على نحو خليق بأن تخجل منه الإنسانية، فهذا نظام موضوع بأسره تحت سيطرة جيش ثائر كما صوره كلفن في تقريره، وهذه وزارة جامحة تسوق مصر إلى الخراب، وهؤلاء نواب لا يعرفون من معاني الوطنية إلا التعصب الأعمى فضلا عن جهلهم وضيق عقولهم ...
كتب مالت يصف النواب قائلا:
صفحه نامشخص