احمد عرابی زعیم مفتری علیه
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
ژانرها
وكان الخديو في قصر الإسماعيلية فأرسل يستدعي السير أوكلند كلفن المراقب المالي الإنجليزي، ولما حضر سأله ماذا عسى أن يفعل في هذا الموقف؟ قال كلفن يشير إلى ذلك: «فنصحت إليه أن يقاوم؟
1
فقد أخبرني رياض باشا أن في القاهرة فرقتين مواليتين، لذلك أثرت على الخديو أن يدعوهما إلى عابدين مع ما يمكن الاعتماد عليه من الحرس الحربي، وأن يضع نفسه على رأسهما. فإذا ما وصل عرابي قبض عليه بشخصه . فأجابني أن لدى عرابي بك المدفعية والفرسان، وربما أطلقوا النار، فأجبت أنهم لن يجرؤوا على ذلك، ومتى توفرت له الشجاعة للمقاومة وعرض نفسه شخصيا، فإنه يتسنى له أن يقضي على المتمردين، وإلا فإنه ضائع.»
2
هذا ما أشار به كلفن وما نراه يحمل كما يقول كرومر: «قسطا من تلك الروح التي تحيي جنسه الإمبراطوري» إلا على المعنى الذي نفهمه نحن، وذلك أنه يلقي الزيت والحطب على النار حتى لا تبقي ولا تذر، وبعدها تقتنص الفريسة، مصر المسكينة، بدعوى إنقاذ البلاد من نار الفتنة. وما أظن ذلك القول محتاجا إلى دليل، فهذا الذي يدعو إليه كلفن لو وقع فلن يكون إلا حربا أهلية شرها مستطير وهولها خطير ...
توجه الخديو إلى عابدين قبل حضور الفرق بزمن ليس بالقصير، ومعه كلفن ورياض وستون، فاستدعى علي بك فهمي رئيس الحرس، وأشار عليه بالدخول إلى القصر بفرقته والتحصن بالنوافذ العليا، وقد نصح للجند بقوله: «أنتم أولادي وحرسي الخصوصي فلا تتبعوا التعصب الذميم، ولا تقتدوا بأعمال الآليات الأخرى.»
فأطاع الجند وأخذوا يتأهبون ...
وسار الخديو بعد ذلك إلى القلعة يحاول أن يثني آلايها بنفسه عما اعتزم، ولكنه لم يجد منه شيئا مما وجد من حرسه من ولاء، فسار إلى العباسية حيث كان آلاي عرابي، ولكنه علم هناك أن عرابيا سار منذ ساعة على رأس جنده ومعهم المدافع بطريق الحسينية إلى عابدين فقفل أدراجه إليها ...
وفي عصر ذلك اليوم المشهود التاسع من سبتمبر سنة 1881 تحرك الجيش يقصد عابدين، فخطت الثورة الوليدة أجرأ خطواتها وأبعدها أثرا في تطور حوادث ذلك العهد ...
وتلاقى عرابي في ميدان عابدين بالآلايات الأخرى بقيادة أحمد بك عبد الغفار وعبد العال بك حلمي وإبراهيم بك فوزي وفوده أفندي حسن وغيرهم من أنصاره. وكان عدد الجند المحتشدين نحو أربعة آلاف ومعهم المدفعية، وأرسل عرابي يستدعي علي بك فهمي من داخل القصر فعاتبه، فرد بقوله: «إن السياسة خداع.» ثم ذهب فعاد بفرقته، وانضم إلى الجيش فأصبح القصر خاليا من كل عناصر المقاومة، وكان فيما صنع علي بك فهمي كثير من الخير لأنه الجهة الوحيدة التي كان يخشى منها خطر الحرب الأهلية ...
صفحه نامشخص