احلام از پدرم: داستانی از نژاد و میراث
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
ژانرها
توقفت بيلي عن الغناء. وخيم الصمت على الغرفة، وفجأة شعرت بأني متزن وغير ثمل. فنهضت من على الأريكة وقلبت شريط التسجيل، وشربت ما تبقى في الكوب ثم ملأته مرة أخرى. وفي الأعلى سمعت صوت أحد يغادر الحمام بعد قضاء حاجته ثم يقطع إحدى الغرف سيرا. كما سمعت شخصا آخر يعاني أرقا على الأرجح، يستمع إلى صوت قطار حياته وهو يمر. هذه هي مشكلة الخمر والمخدرات، أليس كذلك؟ فعند نقطة بعينها لا يمكن إيقاف هذا الصوت، صوت فراغ محدد. وهذا على ما أظن هو ما كنت أحاول أن أخبر أمي به في ذلك اليوم: أن إيمانها بالعدالة والعقلانية ليس في محله، وأننا لم نستطع في النهاية التغلب على شيء، وأن التعليم وجميع النوايا الحسنة في العالم لا يمكنها المساعدة في سد الفجوات في الكون أو إعطاء المرء القدرة على تغيير مساره الأعمى والمجنون.
ومع ذلك فقد انتابني شعور بالاستياء بعد ذلك الموقف؛ فهذه هي الحيلة التي كانت أمي تلعبها دائما، الطريقة التي تجعلني أشعر بالذنب. وكانت هي تتحدث عن الأمر بصراحة أيضا. فقد قالت لي ذات مرة: «لا يسعك فعل شيء حيال هذا.» ثم أضافت مبتسمة مثل قطة تشيشاير في فيلم «أليس في بلاد العجائب»: «فقد أرضعته لك وأنت طفل. ومع ذلك فلا تقلق.» وتابعت: «فجرعة صحية من الإحساس بالذنب لا تؤذي أحدا. فالشعور بالذنب هو الأساس الذي بنيت عليه الحضارة. وهو شعور يستهان به بشدة.»
بعد ذلك كان بوسعنا أن نمزح عن هذا الموقف؛ إذ إن أشد مخاوفها لم يتحقق. فقد تخرجت دون أن يعاندني الحظ، وقبلت في عدد من الجامعات المحترمة، واستقررت على الالتحاق بكلية أوكسيدينتال في لوس أنجلوس، ويرجع السبب في هذا في المقام الأول إلى فتاة من مدينة برينتوود قابلتها وهي تقضي الإجازة في هاواي مع عائلتها. لكنني كنت أفعل هذا آليا دون حماس، فكنت أشعر باللامبالاة تجاه الجامعة بالقدر نفسه الذي أشعر به تجاه معظم الأشياء الأخرى. فحتى فرانك رأى أن موقفي من الالتحاق بالجامعة سيئ، مع أنه لم يكن واضحا كيف يمكنني تغييره.
ماذا كان فرانك يطلق على الكلية؟ لقد وصفها بقوله: «شهادة متقدمة في التصالح». فكرت في آخر مرة رأيت فيها الشاعر العجوز قبل بضعة أيام من مغادرتي لهاواي. وقد تحدثنا بعض الوقت واشتكى من قدمه؛ إذ كان يعاني الزوائد في جلد قدمه والنتوءات العظمية التي أصر أنها نتيجة مباشرة لمحاولة إجبار قدمه الأفريقية على الدخول في حذاء أوروبي. وفي النهاية سألني عما أتوقع الحصول عليه من الكلية. فأخبرته أنني لا أعرف، فهز رأسه الضخم الذي يكسوه الشيب.
وقال: «حسنا، هذه هي المشكلة، أليس كذلك؟ إنك لا تعرف. إنك بالضبط مثل باقي الشباب بالخارج. كل ما تعرفه هو أن الكلية هي الخطوة التالية التي يجب أن تخطوها. في حين أن من يكبرونك سنا بما يكفي لأن يعرفوا أفضل منك - الذين حاربوا طوال تلك السنوات كي تحصل على حق الالتحاق بالجامعة - سيكونون سعداء إذا رأوك هناك حتى إنهم لن يخبروك الحقيقة. الثمن الحقيقي للالتحاق بها.» «وما هذا الثمن؟» «أن تترك عرقك على الباب.» وتابع: «أن تترك شعبك وراء ظهرك.» ثم تفحص ملامحي من فوق إطار نظارة القراءة. واستكمل: «افهم يا فتى. إنك لن تذهب إلى الكلية لتتعلم. إنك ستذهب «لتتدرب». سيدربونك على أن تريد ما لا تحتاجه. سيدربونك على المراوغة بالكلمات حتى تصبح عديمة المعنى. سيدربونك لتنسى ما تعرفه بالفعل. سيدربونك جيدا حتى إنك ستبدأ تؤمن بما يخبرونك به عن الفرص المتكافئة، والطريقة الأمريكية، وكل ذلك الهراء. سيعطونك مكتبا متميزا ويدعونك على حفلات عشاء ممتازة، ويخبرونك أنك مفخرة لجنسك. حتى تريد أن تبدأ في إدارة الأمور فعليا، وحينها يجذبون السلسلة حول عنقك بقوة، ويجعلونك تدرك أنك قد تكون زنجيا تلقى تدريبا جيدا ويحصل على مرتب جيد، ولكنك لا تزال مجرد زنجي.» «إذن بم تنصحني؟ ألا ألتحق بالجامعة؟»
تهدل كتفا فرانك وعاد ليسقط على مقعده وهو يتنهد. وقال: «كلا، إنني لا أقول هذا. عليك أن تذهب. إنني فقط أقول لك أن تبقي عينيك مفتوحتين. ابق متيقظا.»
جعلني هذا أبتسم، وأنا أفكر في فرانك وشخصيته الأفريقية التي تؤمن بشعار «القوة السوداء». وفي بعض الجوانب، كان فرانك حالة يصعب علاجها مثل والدتي، فهو على القدر نفسه من الثقة بإيمانه، ويعيش في نفس الإطار الزمني لستينيات القرن العشرين الذي خلقته هاواي. وقد نصحني أن أبقي عيني مفتوحتين. وهذا ليس بالأمر السهل كما يبدو. ليس سهلا في لوس أنجلوس المشمسة. ليس مثل تجول المرء في الحرم الجامعي لكلية أوكسيدينتال على بعد أميال قليلة من مدينة باسادينا الذي كان مصطفا بالأشجار ومغطى بالسيراميك الإسباني. وقد كان الطلاب ودودين، والمعلمون مشجعين. وفي خريف عام 1979 كان كارتر، وخطوط الغاز، ومشاعر الندم العلنية جميعها في طريقها إلى البعد عن بؤرة الأنظار، وريجان في طريقه إلى اجتذاب الأنظار، وكذلك شعار حملته السياسية الفعالة «صباح جديد في أمريكا». وعندما يغادر المرء الحرم الجامعي، ويقود سيارته على الطريق السريع ليصل إلى شاطئ فينيسيا أو إلى ويستوود مارا بشرق أو جنوب لوس أنجلوس دون حتى أن يعرف هذا؛ فلن يرى في طريقه سوى المزيد من أشجار النخيل التي تختلس النظر للمارة مثلما يفعل نبات الهندباء البرية المزروع على الحوائط الأسمنتية العالية. ولم تكن لوس أنجلوس شديدة الاختلاف عن هاواي، على الأقل ليس الجزء الذي رأيته منها. إنها فقط أكبر، ومن السهل فيها العثور على حلاق يعرف كيف يقص شعرك.
وعلى أية حال، لم يكن معظم الطلاب السود الآخرين في الكلية قلقين على موضوع التصالح هذا. وكان هناك ما يكفي منا لتكوين قبيلة، وعندما يتعلق الأمر بتمضية الوقت، كان الكثيرون منا يتصرفون بأسلوب يشبه القبيلة بالفعل، فيمكثون معا ويتحركون في جماعات. وفي عامي الأول في الدراسة عندما كنت لا أزال أعيش في منازل الطلبة كانت هناك جلسات اللغو نفسها التي كانت تدور بيني وبين راي والسود الآخرين في هاواي، التذمر نفسه، وقائمة الشكاوى نفسها. أما فيما عدا ذلك فكان ما يقلقنا لا يختلف كثيرا عما يقلق البيض من حولنا. وهو النجاح في الدراسة. والحصول على عمل بأجر مجز بعد التخرج. وأيضا محاولة إقامة علاقات حميمية مع الجنس الآخر. وقد توصلت صدفة إلى أحد الأسرار الدفينة عن السود ألا وهي أن معظمنا لم يكن متحمسا للثورة، وأن معظمنا قد سئم التفكير في العنصرية طوال الوقت، وأننا إذا كنا اخترنا أن ننغلق على أنفسنا فهذا لأن هذه هي أسهل طريقة للتوقف عن التفكير في هذا الأمر، أسهل من قضاء الوقت في حالة من الغضب أو محاولة استنباط آراء البيض فينا مهما كانت.
إذن، لم أترك أنا أيضا الأمر دون التفكير فيه؟
لا أعلم. أظن أنني لم أكن أتمتع برفاهية معرفة المعسكر الذي أنتمي إليه عن يقين. فإذا نشأ المرء في مدينة كومبتون فسيصبح البقاء على قيد الحياة عملا ثوريا. ويذهب إلى الجامعة وعائلته لا تزال هناك تشجعه. وتكون سعيدة وهي تراه يهرب؛ فالأمر إذن ليست فيه أي شبهة خيانة. لكنني لم أنشأ في كومبتون أو واتس. ولم يكن لدي ما أهرب منه سوى الشكوك التي تملأ قلبي. لقد كنت أقرب إلى الطلاب السود الذين نشئوا في الضواحي، أطفال دفع آباؤهم بالفعل ثمن الهروب. ويمكنك أن تتعرف عليهم على الفور من الطريقة التي يتحدثون بها، ومن يجالسونهم في المطعم. وعندما تضغط عليهم في الحديث، ينفعلون ويبدءون في التحدث بسرعة ويقولون إنهم يرفضون أن يجري تصنيفهم. وسيقولون لك إنهم يرفضون تعريفهم وفقا للون بشرتهم. إنهم بشر.
صفحه نامشخص