احلام از پدرم: داستانی از نژاد و میراث
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
ژانرها
تدفقت الدماء الساخنة إلى وجهي وعنقي، وبدأت معدتي تتقلص، وبدت الحروف غير واضحة أمام عيني. هل كانت أمي تعلم بشأن هذا؟ ماذا عن رئيسها، لماذا كان شديد الهدوء وهو يقرأ التقارير على مقربة منها في الرواق؟ وكانت لدي رغبة قوية في أن أقفز من على مقعدي لأريهم ما رأيته، وأن أطلب منهم تفسيرا أو طمأنة. لكن شيئا ما أوقفني. وكما يحدث في الأحلام لم يكن هناك صوت لمخاوفي الجديدة، وعندما عادت أمي لتصطحبني إلى المنزل كانت الابتسامة تعلو وجهي وعادت المجلات إلى مكانها الصحيح. والغرفة والجو عادا هادئين كما كانا من قبل. •••
كنا قد قضينا في إندونيسيا في ذلك الوقت ما يزيد عن ثلاثة أعوام نتيجة زواج والدتي من رجل إندونيسي اسمه لولو كان هو الآخر طالبا قابلته أمي في جامعة هاواي. واسمه يعني بلغة هاواي «مجنون»، الأمر الذي جعل جدي ينفجر ضحكا بلا توقف، لكن المعنى لم يكن مناسبا للرجل؛ إذ كان لولو يتمتع بكياسة وأخلاق شعبه. فهو قصير القامة أسمر البشرة وسيم الطلعة أسود الشعر كثيفه، له ملامح من الممكن أن تكون ملامح أحد أبناء المكسيك أو ساموا أو إندونيسيا، ويجيد لعب التنس، وله ابتسامة هادئة رائعة، وكان رابط الجأش أيضا. ولمدة عامين - منذ أن كنت في الرابعة حتى أصبحت في السادسة - احتمل عددا لا حصر له من ساعات لعب الشطرنج مع جدي وجولات طويلة من المصارعة معي. وعندما أجلستني أمي في أحد الأيام لتخبرني أن لولو قد عرض عليها الزواج ويريدنا أن ننتقل معه إلى مكان بعيد، لم أتفاجأ ولم أبد أي اعتراض أيضا. لكني سألتها هل تحبه؛ فقد أصبحت على خبرة كافية لأن أدرك أهمية مثل هذه الأشياء. فبدأ ذقن أمي يرتجف مثلما يحدث عندما تقاوم دموعها، وضمتني بين ذراعيها لوقت طويل مما جعلني أشعر بأني شجاع، مع أني لم أكن واثقا من سبب هذا الشعور.
ترك لولو هاواي فجأة بعد ذلك، وقضيت أنا وأمي شهورا نجري استعداداتنا؛ جوازات السفر والتأشيرات وتذاكر الطيران وحجز الفنادق وسلسلة لا تنتهي من الصور. وبينما كنا نحزم حقائبنا، أخرج جدي أطلس جغرافية العالم ووضع علامات على أسماء سلسلة جزر إندونيسيا: جاوة وبورنيو وسومطرة وبالي. وقال إنه يتذكر بعض الأسماء من قراءة أعمال جوزيف كونراد وهو صبي. كان يطلق عليها في ذلك الوقت «جزر البهار»، ولهذه الجزر أسماء ساحرة محاطة بالغموض. وقال: «يقول الكتاب إنه لا تزال توجد هناك نمور.» وتابع: «وإنسان الغاب.» ونظر إلى الكتاب واتسعت عيناه وقال: «يقول إنه يوجد هناك صائدو رءوس!» في ذلك الوقت اتصلت جدتي بوزارة الخارجية لتعرف هل البلد مستقر. وأيا كان من تحدثت إليه فقد أخبرها أن الموقف تحت السيطرة، لكنها أصرت على أن نحمل معنا عدة صناديق مليئة بالأطعمة: مسحوق عصير تانج، وحليب مجفف، وعلب من سمك الساردين. وقالت بحزم: «من يدري ماذا يأكل أولئك الناس!» فتنهدت أمي، لكن جدتي قذفت بعدة علب من الحلوى كي تكسبني إلى صفها.
أخيرا صعدنا على متن طائرة تابعة لشركة «بان أمريكان» لنبدأ رحلتنا حول العالم. كنت أرتدي قميصا أبيض اللون طويل الأكمام وربطة عنق مثبتة بدبوس، وقد أمطرتني المضيفات بألعاب ألغاز وكمية إضافية من الفول السوداني، وأجنحة طيار معدنية وضعتها فوق جيب القميص. وفي أثناء التوقف لثلاثة أيام في اليابان سرنا تحت أمطار شديدة البرودة لنرى تمثال بوذا الفضي العظيم في كاماكورا المصنوع من البرونز وتناولنا آيس كريم بالشاي الأخضر في معدية تنتقل عبر البحيرات الجبلية المرتفعة. وفي المساء كانت أمي تذاكر بطاقات تعليم اللغات الأجنبية المصورة. وما إن هبطنا من الطائرة في جاكرتا - كان مهبط الطائرات شديد الحرارة والشمس متوهجة كأنها فرن - حتى أمسكت بيد أمي عاقدا العزم على حمايتها من أي شيء قد نجابهه.
كان لولو هناك في استقبالنا، وقد ازداد وزنه بضعة أرطال، وأصبح هناك شارب كث يلوح فوق ابتسامته. وقد احتضن أمي ورفعني لأعلى في الهواء، وأخبرنا أن نتبع الرجل الصغير النحيل الذي يحمل حقائبنا في الطابور الطويل في الجمارك ثم إلى السيارة التي كانت بانتظارنا. ابتسم الرجل بابتهاج وهو يضع الحقائب في حقيبة السيارة، وحاولت أمي أن تقول له شيئا، لكن الرجل ضحك وأومأ برأسه. التف الناس حولنا يتحدثون بسرعة بلغة لا أعرفها وتنبعث منهم رائحة غريبة. ولوقت طويل شاهدت لولو يتحدث إلى مجموعة من الجنود الذين يرتدون زيا موحدا بني اللون. وكان بحوزتهم مسدسات يضعونها في جرابها، لكنهم بدوا في مزاج مرح، يضحكون على شيء ما قاله لولو. وعندما انضم إلينا لولو أخيرا، سألته أمي هل يريد الجنود فحص حقائبنا .
فقال وهو يستقل السيارة ويشغل مقعد السائق : «لا تقلقي ... لقد اهتممت بكل شيء.» وتابع: «إنهم أصدقائي.»
أخبرنا لولو أنه استعار السيارة، لكنه اشترى دراجة بخارية جديدة يابانية الصنع، وستفي بالغرض في الوقت الراهن. كان قد انتهى من إعداد المنزل الجديد ولم يتبق سوى قليل من اللمسات الأخيرة. وقد سجل اسمي بالفعل في مدرسة قريبة، وأقرباؤه يتوقون لمقابلتنا. وبينما كان يتحدث هو وأمي، أخرجت رأسي من النافذة الخلفية وأخذت أحدق فيما نمر به من مناظر طبيعية بنية وخضراء متعاقبة، وقرى تتبعها غابات، ورائحة وقود الديزل واحتراق الأخشاب. وكان الرجال والنساء يسيرون برشاقة مثل طيور الغرنوق عبر حقول الأرز، والقبعات القشية العريضة تخفي وجوههم. وكان هناك صبي مبتل وأملس مثل ثعلب الماء يجلس على ظهر جاموسة ماء لها وجه مضحك ويضربها على فخذها بعصا من الخيزران. أصبحت الشوارع أكثر ازدحاما؛ إذ ظهرت المحال الصغيرة والأسواق والناس يجرون عربات محملة بحصى وأخشاب، ثم أصبحت المباني أكثر ارتفاعا مثل المباني الموجودة في هاواي - فندق إندونيسيا الذي يقول عنه لولو إنه حديث للغاية والمركز التجاري الجديد، أبيض ومتألق - ولكن قليلا منها فقط كان أطول من الأشجار التي كانت ترطب الهواء على الطريق. وعندما مررنا بصف من المنازل الكبيرة العالية الحواجز وبها مخافر للحراسة، قالت أمي شيئا لم أستطع تمييزه بوضوح عن الحكومة ورجل يسمى سوكارنو.
فصحت أنا من المقعد الخلفي للسيارة: «من هو سوكارنو؟» لكن بدا أن لولو لم يسمعني. وبدلا من ذلك لمس ذراعي وتحرك أمامنا. قال: «انظر»، وهو يشير إلى الأعلى. وهناك كان يقف منفرج الساقين على جانبي الطريق عملاق ضخم يصل طوله إلى ارتفاع 10 طوابق على الأقل، وله جسد إنسان ووجه قرد.
قال لولو ونحن ندور حول التمثال: «هذا هو هانومان، الإله القرد.» فاستدرت في مقعدي وتسمرت وأنا أنظر إلى التمثال الوحيد الذي بدا شديد السواد في مقابل الشمس، ومتأهبا للقفز نحو السماء في الوقت الذي تدور فيه حركة المرور الضعيفة حول قدميه. وقال لولو بحزم: «إنه محارب عظيم.» وتابع: «يتمتع بقوة 100 رجل. وعندما يحارب الشياطين يهزمهم دائما.»
كان المنزل في منطقة تحت التطوير في ضواحي المدينة. والطريق يمتد عبر جسر ضيق فوق نهر واسع مياهه بنية اللون، وعندما مررنا رأيت فلاحين يستحمون ويغسلون ملابسهم على طول الضفاف المنحدرة بالأسفل. وبعد ذلك انعطف الطريق المعبد إلى الطرق المغطاة بالحصى، ثم طريق ترابي عندما انعطف ليمر أمام متاجر صغيرة وبيوت من طابق واحد مطلية بالجير حتى توقفت أخيرا عند ممرات المشاة الضيقة للقرى الصغيرة. كان المنزل نفسه متواضعا من الجص والطوب الأحمر، لكنه مفتوح ويدخله الهواء، وبه شجرة مانجو كبيرة في الفناء الأمامي الصغير. وعندما دخلنا من البوابة قال لولو إن لديه مفاجأة لي، وقبل أن يذكرها سمعنا صوت عواء يصم الآذان من أعلى الشجرة. فقفزت أنا وأمي إلى الوراء بهلع ورأينا مخلوقا كبيرا كثيف الشعر له رأس صغير مسطح وذراعان طويلتان تسببان الرعب يهبط إلى غصن متدل.
صفحه نامشخص