وقال حسونة: الله يفتح عليك يا ياسين، ليس لي بعد ما قلت كلمة واحدة أزيدها.
واستخزى سباعي بعض الشيء وأطرق، وقالت نبوية: ألم أقل لك يا سباعي إنك دائما مستعجل؟!
وقال سباعي: الحق علي مرة أخرى، قولي أنت رأيك.
وقالت نبوية: الأمر لله، أقول: أنا لا أريد من الدنيا إلا أن أكون أمكم، وأن أبقى في هذا البيت لأفتحه لكم جميعا حين تأتون إليه، وبهذا أشعر أنني استطعت أن أرد بعض الدين الذي في رقبتي للمرحوم الذي عشت معه ما عشت، ولم أر منه في لحظة من اللحظات ما يسيئني، حتى إذا غضب كان يدخل إلى حجرته ويقفل بابها على نفسه حتى لا أراه مكشرا، أرض؟! أنا لن أشوف، وإن كنت كما قالت فاطمة فلاحة وبنت فلاح إلا أنني منذ تزوجت أباكم لم أخرج إلى الغيط، حتى حين كنا فقراء في أول حياتنا رتب لنا مصطفى السقا حتى لا أخرج لملء الجرة، فأي أرض هذه التي أشوفها؟ وهل تسمح سني بذلك؟ يا أخي، أنا كفاية علي أن أجعل البيت دائما مستعدا لاستقبالكم، غير هذا أنا ليس عندي كلام، وما تشوفه أنت وأخوك أنا مسئولة أن أجعل فاطمة وعابدة تقبلانه.
وقال خليل: أطال الله عمرك يا أمه، وأبقاك لنا جميعا، نعم الرأي، الحقيقة أنني الآن أصبحت طبيبا، والطبيب يحتاج لوقته كله حتى يكون طبيبا ناجحا، وأنا متأكد أنكم تحبون أن يكون أخوكم ناجحا. والحقيقة أيضا أن سباعي كان دائما ابن الأرض يعرف كل شيء عنها، وكان أبي يعتمد عليه منذ كان سباعي صبيا، وحين أصبح شابا كان هو الذي يشرف على الأرض ويكتفي أبي بأن يعرف منه ما فعل، وكان أبي يبيع المحصول وبحضور سباعي، أليس هذا كله حقا؟!
وهيمنت أصوات بالموافقة فأكمل حديثه: وأن يجلس كل واحد منا آخر السنة ويرى حساباته أمر أنا لا أحبه؛ فقد تقتنع فاطمة بالحساب ولا أقتنع أنا مثلا، فالرأي عندي أن أقعد الآن مع سباعي، ونرى ما أنتجته الأرض في السنوات الثلاث الأخيرة، ونقدر إيجارا معقولا يعود بالربح على سباعي مقابل إدارته للأرض وتعبه فيها، ويكون كل منا على علم طول السنة بما سيحصل عليه آخر العام.
وقالت الأم في حسم: كلام معقول.
ونظرت فاطمة إلى أختها وبادلتها عابدة النظر، وتلمست كل منهما رأيا عند زوجها فلم تجدا اعتراضا، وقالت فاطمة: موافقة.
وقالت عابدة: نكتب عقود إيجار.
وقال خليل: نكتب عقود إيجار.
صفحه نامشخص