الاحکام السلطانیه
الأحكام السلطانية
ناشر
دار الحديث
محل انتشار
القاهرة
الباب الرابع: في تقليد الإمارة على الجهاد
وَالْإِمَارَةُ عَلَى الْجِهَادِ مُخْتَصَرَةٌ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ. وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَقْصُورَةً عَلَى سِيَاسَةِ الْجَيْشِ وَتَدْبِيرِ الْحَرْبِ؛ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْخَاصَّةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُفَوَّضَ إلَى الْأَمِيرِ فِيهَا جَمِيعُ أَحْكَامِهَا مِنْ قَسْمِ الْغَنَائِمِ وَعَقْدِ الصُّلْحِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ، وَهِيَ أَكْبَرُ الْوِلَايَاتِ الْخَاصَّةِ أَحْكَامًا وَأَوْفَرُهَا فُصُولًا وَأَقْسَامًا، وَحُكْمُهَا إذَا خُصَّتْ دَاخِلٌ فِي حُكْمِهَا إذَا عَمَّتْ، فَاقْتَصَرْنَا عَلَيْهِ إيجَازًا.
وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ إذَا عَمَّتْ سِتَّةُ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فِي تَسْيِيرِ الْجَيْشِ، وَعَلَيْهِ فِي السَّيْرِ بِهِمْ سَبْعَةُ حُقُوقٍ:
أَحَدُهَا: الرِّفْقُ بِهِمْ فِي السَّيْرِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَضْعَفُهُمْ وَتُحْفَظُ بِهِ قُوَّةُ أَقْوَاهُمْ، وَلَا يَجِدَّ السَّيْرَ فَيَهْلَكْ الضَّعِيفُ وَيَسْتَفْرِغْ جَلَدَ الْقَوِيِّ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "هَذَا الدِّينُ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى وَشَرُّ السَّيْرِ الْحَقْحَقَةُ١" ٢.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "الْمُضْعَفُ أَمِيرُ الرُّفْقَةِ"٣.
يُرِيدُ أَنَّ مَنْ ضَعُفَتْ دَابَّتُهُ كَانَ عَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَسِيرُوا بِسَيْرِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَفَقَّدَ خَيْلَهُمْ الَّتِي يُجَاهِدُونَ عَلَيْهَا وَظُهُورَهُمْ الَّتِي يَمْتَطُونَهَا، فَلَا يُدْخِلُ فِي خَيْلِ الْجِهَادِ ضَخْمًا كَبِيرًا، وَلَا ضَرْعًا صَغِيرًا، وَلَا حَطَمًا كَسِيرًا، وَلَا أَعْجَفَ زَارِحًا هَزِيلًا؛
_________
١ الحقحقة: هو أشد السير وقيل: هو أن يجتهد في السير ويلح فيه حتى تعطب راحلته أو تقف عند ذلك.
٢ ضعيف: ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف "٢٠٢٢".
٣ ذكره صاحب عون المعبود، فقال: وقال السيوطي: وجاء في بعض طرق الحديث: "المضعف أمير الرفقة"، أي: يسيرون سير الضعيف لا يتقدمونه فيتخلف عنهم ويبقى بمضيعة. انتهى.
1 / 69