الاحکام السلطانیه
الأحكام السلطانية
ناشر
دار الحديث
محل انتشار
القاهرة
مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ مَدْفُونًا أَوْ غَيْرَ مَدْفُونٍ، فَهُوَ لُقَطَةٌ يَجِبُ تَعْرِيفُهَا حَوْلًا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَلِلْوَاجِدِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا مَضْمُونَةً فِي ذِمَّتِهِ لِمَالِكِهَا إذَا ظَهَرَ.
فَصْلٌ:
وَعَلَى عَامِلِ الصَّدَقَةِ أَنْ يَدْعُوَ لِأَهْلِهَا عِنْدَ الدَّفْعِ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الْمُسَارَعَةِ، وَتَمْيِيزًا لَهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْجِزْيَةِ، وَامْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ ﷾: ﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ أَيْ: تُطَهِّرُ ذُنُوبَهُمْ وَتُزَكِّي أَعْمَالَهُمْ، وَفِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁.
وَالثَّانِي: اُدْعُ لَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَفِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ أَرْبَعُ تَأْوِيلَاتٍ: أَحَدُهَا: قُرْبَةٌ لَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: رَحْمَةٌ لَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ طَلْحَةَ.
وَالثَّالِثُ: تَثْبِيتٌ لَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ.
وَالرَّابِعُ: أَمْنٌ لَهُمْ، وَهُوَ مِنَ الِاسْتِحْبَابِ إنْ لَمْ يَسْأَلْ، وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ إذَا سُئِلَ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مُسْتَحَبٌّ، وَالثَّانِي: مُسْتَحَقٌّ.
وَإِذَا كَتَمَ الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ وَأَخْفَاهَا عَنِ الْعَامِلِ مَعَ عَدْلِهِ، أَخَذَهَا الْعَامِلُ مِنْهُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهَا، وَنَظَرَ فِي سَبَبِ إخْفَائِهَا، فَإِنْ كَانَ لِيَتَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ لَمْ يُعَزِّرْهُ، وَإِنْ أَخْفَاهَا لِيَغُلَّهَا وَيَمْنَعَ حَقَّ اللَّهِ عَزَّرَهُ وَلَمْ يُغَرِّمْهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهَا، وَقَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ مِنْهُ شَطْرَ مَالِهِ؛ لِقَوْلِهِ ﵊: "مَنْ غَلَّ صَدَقَةً فَأَنَا آخُذُهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ اللَّهِ، لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ فِيهَا نَصِيبٌ" ١.
وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ ﵊: "لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ" ٢.
مَا يَصْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِيجَابِ إلَى الزَّجْرِ وَالْإِرْهَابِ، كَمَا قَالَ: "مَنْ قَتَلَ
١ حسن: رواه أبو داود في كتاب الزكاة "١٥٧٥"، والنسائي في كتاب الزكاة "٢٤٤٩"، والدارمي في كتاب الزكاة "١٦٧٧"، وأحمد "١٩٥٣٤"، وحسَّنه الشيخ الألباني.
٢ سبق تخريجه.
1 / 193