فظهر أن ما ذكر في بعض الكتب من تصريح الكراهة عند الصلاة، معللا بأنه قد يخرج الدم، فينقض الوضوء، ليس له وجه، نعم من يخاف ذلك، فليستعمل بالرفق على نفس الإسنان، واللسان دون اللثة، وذلك يكفي. انتهى كلام القاري.
قلت: ما ذكره من أنه لم يرو استياكه عليه الصلاة والسلام عند القيام إلى الصلاة، يرده ما روى أبو داود(1) من حديث عبد الله بن حنظلة: ((أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بالوضوء بكل صلاة، فلما شق عليه، أمر بالسواك لكل صلاة ))، كما مر ذكره.
فإنه بظاهره يدل على استياكه عند الصلاة، وإن لم يجد الوضوء، وأظهر منه حديث الطبراني عن زيد ابن خالد، كما ذكرنا.
وقد نص الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) في (باب الوضوء): هل يجب لكل صلاة، بعد ما روى الحديث المذكور على أن السواك لكل صلاة، والوضوء لكل صلاة، مما أمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخص به دون أمته.
ولك أن تستنبط من هاهنا فقه ما ذهب إليه أكثر أصحابنا من عدم سنية السواك عند كل صلاة، لما قرروه في موضعه: أن ما كان واجبا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو مستحب لنا.
لكن لا يخفى أن الأحاديث قد وردت في الترغيب إليه عند الصلاة، كما وردت في الترغيب إليه عند الوضوء، ولا ضرورة إلى أن تحمل أحاديث الصلاة على الوضوء، لأن ذلك إنما هو عند التعارض، وإذ ليس، فليس.
صفحه ۲۶