26

احکام قرآن

أحكام القرآن لابن العربي

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

محل انتشار

بيروت - لبنان

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: جَاءَ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ أَنَّ إبْلِيسَ حَاوَلَ آدَمَ عَلَى أَكْلِهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَحَاوَلَ حَوَّاءَ، فَخَدَعَهَا فَأَكَلَتْ فَلَمْ يُصِبْهَا مَكْرُوهٌ، فَجَاءَتْ آدَمَ فَقَالَتْ لَهُ: إنَّ الَّذِي تَكْرَهُ مِنْ الْأَكْلِ قَدْ أَتَيْته فَمَا نَالَنِي مَكْرُوهٌ. فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ آدَم اغْتَرَّ فَأَكَلَ، فَحَلَّتْ بِهِمَا النِّقْمَةُ وَالْعُقُوبَةُ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: ﴿وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ [البقرة: ٣٥] فَجَمَعَهُمَا فِي النَّهْيِ، فَلِذَلِكَ لَمْ تَنْزِلْ بِهِمَا الْعُقُوبَةُ حَتَّى وُجِدَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ: إنْ دَخَلْتُمَا عَلَيَّ الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ أَوْ حُرَّتَانِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَا يَقَعُ بِدُخُولِ إحْدَاهُمَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَطْلُقَانِ وَلَا تُعْتَقَانِ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الدَّارِ فِي الدُّخُولِ، حَمْلًا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَأَخْذًا بِمُقْتَضَى مُطْلَقِ اللَّفْظِ. وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: تُعْتَقَانِ جَمِيعًا، وَتَطْلُقَانِ جَمِيعًا بِوُجُودِ الدُّخُولِ مِنْ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْحِنْثِ حِنْثٌ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَلَّا يَأْكُلَ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ أَحَدِهِمَا، بَلْ بِأَكْلِ لُقْمَةٍ مِنْهُمَا حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: تُعْتَقُ وَتَطْلُقُ الَّتِي دَخَلَتْ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ دُخُولَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَرْطٌ فِي طَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَضَعْت فَأَنْتِ طَالِقٌ

1 / 28