احکام قرآن
أحكام القرآن لابن العربي
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
وَأَمَّا اقْتِحَامُ الْقِتَالِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُهُ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إذَا خَافَ مِنْهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ سَقَطَ فَرْضُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ اقْتِحَامُ الْغَرَرِ فِيهِ وَتَعْرِيضُ النَّفْسِ لِلْإِذَايَةِ أَوْ الْهَلَكَةِ؟ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَعُمُومُ هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[الْآيَة الثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ قَوْله تَعَالَى يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خير فَلِلْوَالِدِينَ]
ِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢١٥] فِيهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الزَّكَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهَا؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ [كَانَتْ] مَوْضُوعَةً أَوَّلًا فِي الْأَقْرَبِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ مَصْرِفَهَا فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ مَصَارِفَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّسْخَ دَعْوَى، وَشُرُوطُهُ مَعْدُومَةٌ هُنَا؛ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فِي الْأَقْرَبِينَ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِمْ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ؛ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ. فَقَالَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ لِزَوْجِهَا: أَرَاك خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ، فَإِنْ أَجْزَأَتْ عَنِّي فِيك صَرَفْتهَا إلَيْك. فَأَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَتْهُ، فَقَالَتْ: أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ مِنِّي عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: لَك أَجْرَانِ: أَجْرُ الصَّدَقَةِ، وَأَجْرُ الْقَرَابَةِ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «زَوْجُك وَوَلَدُك أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِمْ».
وَرَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، وَأَدْنَاك أَدْنَاك».
1 / 204